للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= تفسيره أن الثمار إذا أدركت من الرطب والعنب مما تجب فيه الزكاة بعث السلطان خارصاً ينظر فيقول: يخرج من هذا كذا وكذا زبيباً، وكذا وكذا تمراً فيحصيه، وينظر مبلغ العشر فيثبته عليهم، ويخلي بينهم وبين الثمار، وفائدة الخرص: التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها، والبيع من زهوها، وإيثار الأهل والجيران والفقراء، لأن في منعهم منها تضييقاً لا يخفى. وقوله: "في جل طيء"، وفي رواية: "في جبلي طيء"، والمراد بهما المكان الذي كانت القبيلة المذكورة تنزله، واسم الجبلين أجأ وسلمى.
وقوله: "عشرة" بالنصب على نزع الخافض أو على الحال، وقوله: "خرص" بالنصب أيضاً إما بدلاً، وإما عطف بيان، ويجوز الرفع فيهما، وتقديره: والحاصل عشرة أوسق، وهو خرص رسول الله.
قال الحافظ في "الفتح" ٣/٤٠٦: وفي هذا الحديث مشروعية الخرص وقد تقدم ذكر الخلاف فيه أول الباب، واختلف القائلون به هل هو واجب أو مستحب، فحكى الصميري من الشافعية وجهاً بوجوبه، وقال الجمهور: هو مستحب إلا إن تعلق به حق لمحجور مثلاً أو كان شركاؤه غير مؤتمنين فيجب لحفظ مال الغير، واختلف أيضاً هل يختص بالنخل أو يلحق به العنب أو يعم كل ما ينتفع به رطباً وجافاً؟ وبالأول قال شريح القاضي وبعض أهل الظاهر، والثاني قول الجمهور، وإلى الثالث نحا البخاري. وهل يمضي قول الخارص أو يرجع إلى ما آل إليه الحال بعد الجفاف؟ الأول قول مالك وطائفة، والثاني قول الشافعي ومن تبعه. وهل يكفي خارص واحد عارف ثقة أو لا بد من اثنين؟ وهما قولان للشافعي والجمهور على الأول.
واختلف أيضاً هل هو اعتبار أو تضمين؟ وهما قولان للشافعي أظهرهما الثاني، وفائدته جواز التصرف في جميع الثمرة، ولو أتلف المالك الثمرة بعد الخرص أخذت منه الزكاة بحساب ما خرص. وفيه أشياء من أعلام النبوة كالإِخبار عن الريح وما ذكر في تلك القصة، وفيه تدريب الأتباع وتعليمهم، وأخذ الحذر مما يتوقع الخوف منه وفضل المدينة والأنصار، ومشروعية المفاضلة بين الفضلاء بالِإجمال والتعيين، ومشروعية الهدية والمكافأة عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>