للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا أَهْلٌ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا (١) . [٥:٢٤]


(١) إسناده حسن على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عكرمة بن عمار، فمن رجال مسلم، وهو حسن الحديث.
وأخرجه مسلم (٢٦٠٣) في البر والصلة: باب من لعنه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو سبه ... عن زهير بن حرب أبي خيثمة وأبي معن الرقاشي، قالا: حدثنا عمر بن يونس، بهذا الإِسناد.
قال الإِمام النووي في " شرح مسلم " ١٦/١٥٣: فإن قيل: كيف يدعو على من ليس هو بأهل للدعاء عليه أو يسبه أو يلعنه ونحو ذلك؟ فالجواب ما أجاب به العلماء، ومختصره وجهان:
أحدهما: أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالى وفي باطن الأمر، ولكنه في الظاهر مستوجب له، فيظهر له - صلى الله عليه وسلم - استحقاقه لذلك بأمارة شرعية، ويكون في باطن الأمر ليس أهلاً لذلك، وهو - صلى الله عليه وسلم - مأمور بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر.
والثاني: أن ما وقع من سبه ودعائه ليس بمقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية، كقوله: " تربت يمينك " و"عقرى حلقى" وفي هذا الحديث " لا كبرت سنك "، وفي حديث معاوية "لا أشبع الله بطنه"، ونحو ذلك لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء، فخاف - صلى الله عليه وسلم - أن يصادف شيء من ذلك إجابةً، فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهوراً وأجراً، وإنما كان يقع هذا منه - صلى الله عليه وسلم - في النادر والشاذ من الأزمان، ولم يكن - صلى الله عليه وسلم - فاحشاً متفحشاً ولا لعاناً ولا منتقماً لنفسه، وقد صح أنهم قالوا له: ادع على دوس، فقال: "اللهم اهد دوساً"، وقال: " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون "، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>