الَّذِي يَخْرُجُونَ فِيهِ، فَمَرَّ بِي أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، وَمَرَّ بِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، حَتَّى مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِوَجْهِي، وَمَا فِي نَفْسِي، قَالَ: «أَبَا هِرٍّ» ، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: «الْحَقْ» ، فَلَحِقْتُهُ، فَدَخَلَ إِلَى أَهْلِهِ، فَأَذِنَ، فَدَخَلْتُ، فَإِذَا هُوَ بِلَبَنٍ فِي قَدَحٍ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ: «مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟» ، قَالَ: هَدِيَّةُ فُلَانٍ، أَوْ قَالَ: فُلَانٌ، فَقَالَ: «أَبَا (١) هِرٍّ الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ، فَادْعُهُمْ» ، وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافٌ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، لَا يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ أَوْ مَالٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يُشْرِكْهُمْ فِيهَا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَشَرَكَهُمْ فِيهَا، وَأَصَابَ مِنْهَا، فَسَاءَنِي وَاللَّهِ ذَلِكَ، قُلْتُ: أَيْنَ يَقَعُ هَذَا اللَّبَنُ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَأَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، فَانْطَلَقْتُ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا وَأَخَذَ الْقَوْمُ مَجَالِسَهُمْ، قَالَ: «أَبَا هِرٍّ» ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «خُذْ، فَنَاوِلْهُمْ» ، قَالَ فَجَعَلْتُ أُنَاوَلُ رَجُلًا رَجُلًا، فَيَشْرَبُ، فَإِذَا رَوِيَ أَخَذْتُهُ، فَنَاوَلْتُ الْآخَرَ حَتَّى رَوِيَ الْقَوْمُ جَمِيعًا، ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: «أَبَا هِرٍّ، أَنَا وَأَنْتَ» ، قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «خُذْ، فَاشْرَبْ» ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: «اشْرَبْ» ، حَتَّى قُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا، قَالَ: «فَأَرِنِي الْإِنَاءَ» ،
(١) في الأصل: أبو، وهو غلط، والتصويب من " موارد التخريج ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute