ومعنى الحديث أن اليمن والشام والعراق تفتح، فتنال إعجاب أقوام، لما فيها من الرخاء وطيب العيش، فيحملهم ذلك على المهاجرة إليها بأنفسهم وأهليهم حتى يخرجوا من المدينة، والحال أن الإقامة في المدينة خير لهم؛ لأنها حرم الرسول، وجواره، ومهبط الوحي، ومنزل البركات لو كانوا يعلمون ما في الإقامة بها من الفوائد الدينية بالعوائد الأخروية التي يستحقر دونها ما يجدونه من الحظوظ الفانية العاجلة بسبب الإقامة في غيرها. "١" أي يسرعون. وقال الزرقاني في "شرح الموطأ" ٤/٢٢٤: يبسون، بفتح التحتية وكسر الموحدة من الثلاثي، رواه يحيى، ولا يصح عنه غيره، وكذا رواه ابن بكير، وقال: معناه: يسيرون، من قوله {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً} أي سارت، وذكر ابن حبيب هذا التفسير عن مالك، وكذا رواه ابن نافع وغيره عنه، فإنكار عبد الملك بن حبيب رواية يحيى ليس بشيء، لأنه لم ينفرد بها بل تابعه ابن بكير، وابن نافع، وابن حبيب وغيرهم عن مالك، ورواه ابن القاسم بفتح التحتية وضم الموحدة ثلاثيا أيضا من باب نصر، أي: يسرعون السير، وقيل: يزجرون دوابهم، وقيل: يسألون عن البلدان وأخبارها ليتحملوا إليها، وهذا لا يكاد يعرف لغة، ورواه ابن وهب: "يُبِسُّون" بضم التحتية، وكسر الموحدة، وضم المهملة رباعي من "أبس"، وقال معناهيزينون لهم الخروج من المدينة، أي: ويزينون البلد الذي جاؤوا منه، ويحببونه إليهم، وصوبه ابن حبيب، قاله أبو عمر ملخصا.