للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وقوله: "يتقارب الزمان" قال ابن بطال: معناه - والله أعلم - تقارب أحوال أهله في قلة الدين حتى لا يكون فيهم من يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر لغلبة الفسق وظهور أهله، وقد جاء في الحديث: "لا يزال الناس بخير ما تفاضلوا فإذا تساووا هلكوا": يعني لا يزالون بخير ما كان فيهم أهل فضل وصلاح وخوف من الله يلجأ إليهم عند الشدائد، ويستشفي بآرائهم، ويتبرك بدعائهم، ويؤخذ بتقويمهم وآثارهم.
وقال الطحاوي: قد يكون معناه في ترك طلب العلم خاصة، والرضا بالجهل، وذلك لأن الناس لا يتساوون في العلم، لأن درج العلم تتفاوت، قال تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} ، وإنما يتساوون إذا كانوا جهالا، وكأنه يريد غلبة الجهل وكثرته بحيث يفقد العلم بفقد العلماء.
وقال البيضاوي: يحتمل أن يكون المراد بتقارب الزمان تسارع الدول إلى الانقضاء والقرون إلى الانقراض، فيتقارب زمانهم، وتتدانى أيامهم.
وقال التوربشتي: يريد به اقتراب الساعة، ويحتمل أنه أراد بذلك تقارب أهل الزمان بعضهم من بعض في الشر، أو تقارب الزمان نفسه في الشر حتى يشبه أوله آخره، وقيل: بقصر أعمار أهله.
وقوله: "ينقص العلم" أي: بموت أهله، فكلما مات عالم في بلد ولم يخلفه غيره نقص العلم من تلك البلد، وفي رواية "ويقبض العلم".
وفي رواية للبخاري ومسلم: "وينقض العمل" قال ابن أبي جمرة: نقص العمل الحسي ينشأ عن نقص الدين ضرورة، وأما المعنوي، فبحسب ما يدخل من الخلل بسبب سوء المطعم، وقلة المساعد على العمل، والنفس ميالة إلى الراحة، وتحن إلى جنسها، ولكثرة شياطين الإنس الذين هم أضر من شياطين الجن.
وقوله: "ويلقى الشح" فالمراد: إلقاؤه في قلوب الناس على اختلاف أحوالهم حتى يبخل العالم بعلمه، فيترك التعليم والفتوى، ويبخل الصانع بصناعته حتى يترك تعليم غيره، ويبخل الغني بماله حتى يهلك الفقير، وليس المراد وجود أصل الشح، لأنه لم يزل موجودا.

<<  <  ج: ص:  >  >>