وقال: يونس أثبت في الزهري من غيره. وجزم موسى بن هارون
وغيره بإدراجها. ورويناه في " فوائد بن أبي ميسرة " من طريق عبد الوهاب بن
رفيع عن ابن شهاب. فساقه بسنده مقتصرا على الزيادة وهو وهم شديد ".
وأقول: لا وهم منه البتة، فإنه ثقة صحيح الحديث كما تقدم وقد تابعه ثقتان
ابن جريج وصالح بن كيسان واقتصر الأول منهما على الزيادة أيضا كما سبق بيانه
فهؤلاء ثلاثة من الثقات الأثبات اتفقوا على رفع هذه الزيادة، فصلها اثنان
منهما عن أول الحديث ووصلها به الآخر وهو صالح، فاتفاقهم حجة وذلك يدل على
أنها مرفوعة ثابتة وأنها ليست مدرجة كما زعم الحافظ ويتعجب منه كيف خفيت عليه
رواية ابن جريج فلم يذكرها أصلا وكيف اقتصر في عزوه رواية ابن رفيع على
" فوائد ابن أبي ميسرة " وهي في " السنن " و " المسند "؟ !
ويشهد لها ما أخرجه الحميدي في " مسنده " (٣٢٩) حدثنا سفيان قال حدثني صفوان
ابن سليم عن عطاء بن يسار قال: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله: هل علي جناح أن أكذب على أهلي؟ قال: لا، فلا يحب الله الكذب
قال: يا رسول الله استصلحها وأستطيب نفسها! قال: لا جناح عليك ".
قلت: وهذا إسناد صحيح ولكنه مرسل وليس هو على شرط " مسنده " وقد أورده في
" أحاديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها " منه وكأنه أشار بذلك
إلى أن الحديث وإن كان وقع له هكذا مرسلا، فهو يرجح إلى أنه من مسندها ولذلك
أورده فيه. والله أعلم.
ويشهد لها أيضا حديث شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: " لا يصلح الكذب إلا في ثلاث: كذب الرجل مع امرأته لترضى عنه
أو كذب في الحرب، فإن الحرب خدعة أو كذب في إصلاح بين الناس ". أخرجه أحمد
(٦ / ٤٥٩، ٤٦١) والترمذي (٣ / ١٢٧ - تحفة) وقال: " حديث حسن ".