أحمد بن يحيى بن سعيد الذي لم يزد الحافظ في ترجمته على قوله فيه " صدوق "!
٢ - أنها تضمنت جرحا مفسرا، والجرح المفسر مقدم على التعديل عند التعارض كما
هو معلوم في " المصطلح ".
وثمة وجه آخر: معارضته بأقوال الأئمة الآخرين، فإنها متفقة على تضعيف الرجل
مع بيان سبب التضعيف في كثير منها مثل قول ابن سعيد نفسه إنه لا يحفظ ومثله
وأصرح منه قول الجوزجاني أنه كان سيء الحفظ، وأنه تغير أخيرا. ومثل قول
أبي داود أن عنده أحاديث فيها نكارة.
وكأنه تلقى ذلك من قول شيخه أحمد: أحاديثه منكرة. ونحوه قول ابن سعد: له
أحاديث منكرة. وبعضهم رماه بالتدليس، وعبارة أحمد أعم وأشمل من عبارة ابن
حبان التي توحي بأن تدليسه خاص بما رواه عن عكرمة.
قلت: فالأخذ بأقوال هؤلاء الأئمة الجارحة لعباد خير من الأخذ بقول يحيى بن
سعيد الموثق له، لاسيما وقوله الأول موافقه لهم، كما هو بين ظاهر، والحمد
لله تعالى.
قلت: فإذا عرفت هذا فانظر إلى ما صنع العلامة أحمد شاكر، لقد ذكر قول النسائي
وابن سعد المضعفين له ثم قال عقبه مباشرة (٤ / ٦) : " وكلامهم فيه يرجع إلى
رأيه في القدر، وإلى أنه يدلس، فيروي أحاديث عن عكرمة لم يسمعها منه، ولم
يطعن أحد في صدقه ".
قلت: كذا قال، وهو من الغرائب، إذ كيف يسوغ أن يوجه كلامهم المضعف له بخلاف
ما نص جمهورهم على سبب التضعيف. فهذا النسائي نفسه أطلق التضعيف، ولم يرمه
بالقدر، بل أضاف إلى ذلك أنه كان تغير! وكذلك نسبه إلى التغير الجوزجاني كما
في الفقرة (١٧) ، وزاد على ذلك أنه كان سيء الحفظ. ونحوه قول يحيى بن سعيد
رقم (١) : كان لا يحفظ.