قلت: الجواب عن هذا سهل جدا - ولا أدرى كيف خفي ذلك على الشيخ الفاضل؟ - فإن
من المعلوم في الأسباب التي تحمل المدلس على التدليس أن تكون روايته عمن هو
أصغر سنا - من باب رواية الأكابر عن الأصاغر - فيسقطه حبا في العلو بالإسناد
أو لعلمه بأنه غير مقبول الرواية عند المحدثين، وهذان الأمران متحققان في ابن
أبي يحيى فما وجه استغراب بل استنكار الشيخ لتدليس عباد إياه، ثم لشيخه داود
وهو ضعيف أيضا؟ ! أفمثل هذا يرد اتهام الأئمة إياه بالتدليس، بل وينسبون
إلى الخطأ الفاحش، ويتلقى ذلك الخلف عن السلف، حتى جاء الشيخ يتهمهم بذلك
بدون حجة؟ ! بل باستنكار ما هو واقع في عديد من الروايات من رواية الأكابر عن
الأصاغر، ومن إسقاط الشيخ تلميذه الذي هو شيخه في حديث ما كما هو الواقع هنا
على ما بينا.
وأما قوله: " فهذه كلمات توهم التدليس ". فالجواب: من وجهين:
الأولى: أن من كلمات التدليس كلمة الإمام أحمد: " وكان يدلس ".
فهي كما ترى صريحة في التدليس، فلا جرم أن الشيخ لم يتعرض لذكرها، فضلا
للجواب عنها!
والآخر: أن ما ذكره الشيخ عن أبي حاتم ظاهر في اتهامه لعباد بالتدليس وهو
قوله: " نرى أنه أخذ هذه الأحاديث عن ابن أبي يحى ... ". فإن كان الشيخ يرد
لذلك من قبل أن أبا حاتم لم يجزم بذلك لقوله " نرى " فالجواب: أنه لا فرق بين
قوله هذا، وبين قوله الشيخ أحمد نفسه قبله بكلمات: " لا نراها تصح "! كما
تقدم نقله عنه! وجوابنا القاطع أن رأي العالم المختص في علمه حجة على غير
المختص، لا يجوز رده إلا بحجة أقوى فأين هي؟ !
ونحو قول أبي حاتم قول يحيى بن سعيد: قلت لعباد: سمعت حديث ... من