عكرمة؟
فقال: حدثهن ابن أبي يحيى عن داود عن عكرمة. فإنه ظاهر في أن يحيى كان عنده
شك - على الأقل في سماع عباد للأحاديث المذكورة من عكرمة، ولذلك سأله هل
سمعها منه؟ فلم يجبه عباد بجواب يزيل الشك، بل أجاب بما يؤكده، وهو قوله:
حدثهن إبراهيم ... ، فلم يقل حدثنيهن وبهذا يثبت أن عبادا مدلس، وإلا فما
الذي منعه من التصريح بأنه سمع، ولو بلفظ " نعم " إلى القول بما يشبه كلام
السياسيين الذي لا يكون صريحا في الجواب، ويحتمل وجوها من المعاني؟ ! وهذا
مما تورط به - في نقدي - العلامة أحمد شاكر نفسه فقال في آخر كلامه:
" فلو صحت هذه الأسئلة (يعني من يحيى لعباد) وهذه الجوابات من عباد لكان
الأقرب إلى الصواب أن يكون قال: حدثهن ابن أبي يحيى وداود بن الحصين عن عكرمة
، يريد تقوية روايته بأن داود بن الحصين ومحمد بن أبي يحيى رويا هذه الأحاديث
أيضا عن عكرمة كما رواها، لا أنه يريد أن يثبت على نفسه تدليسا لا حاجة له به
"!
قلت: نعم لو كان له اختيار في ذلك يسعه أن لا يثبت على نفسه التدليس لما فعل.
أما وقد سئل من الإمام يحيى بن سعيد هل سمع؟ والمفروض أنه سمع كما يزعم
الشيخ فما الذي منعه من التصريح بذلك جوابا على سؤال الإمام؟ إلى القول بأنه
تابعه على روايته عن عكرمة ابن أبي يحيى وداود! فيا عجبا كيف يرضى الشيخ
تفسيره ذاك وهو أبعد ما يكون عن إجابة السؤال، لاسيما وهو به قد خرج عن نص
الرواية فإنها تقول: " حدثهن ابن أبي يحيى عن داود "، والشيخ يقول: " ابن
أبي يحيى وداود "؟ ! نعم، قد يقال إن الشيخ استجاز مثل هذا القول المخالف
للرواية لأنه في شك من صحتها كما أشار إلى ذلك بقوله السابق " فلو صحت هذه
الأسئلة ... " ومثله قوله السابق أيضا " لا نراها تصح "! وسيأتي الجواب عنه
في الفقرة التالية.
وهذا كله على فرض أن الرواية بلفظ " حدثهن " كما رجحه الشيخ، وأما على
الرواية الأخرى: " حدثني " فهي نص لا يحتمل المعنى الذي ذكره الشيخ إطلاقا.
فثبت أن عبادا مدلس، وأن نفي الشيخ له مما لا وجه له.