الثالث: شك الشيخ في صحة سؤال يحيى بن سعيد لعباد هل سمع تلك الأحاديث عن
عكرمة؟ ولم يحمله على الشك في صحته ضعف في إسناده وقف عليه، وإنما هو
اضطراب وقع - في زعمه - في متنه! فقد ذكر أنه وقع في " الميزان " بلفظ: "
حدثني ابن أبي يحيى " بدل " حدثهن ابن أبي يحيى " الذي سبق نقله عن " التهذيب ".
أقول: ومع أن مثل هذا الاختلاف لا يعتبر اضطرابا قادحا في الصحة - لدي
العارفين بهذا العلم، لإمكان حمل الرواية الأولى - إن قيل إنها مبهمة - على
الأولى، لأنها مفصلة كما هو واضح. ومع ذلك فاللفظ الأول هو الأرجح، بل
الراجح عندي لثبوته في كتاب " الضعفاء " للعقيلي، وإسناده هكذا (ص ٢٧٣) :
حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا محمد بن سليمان قال: سمعت أحمد بن داود الحداد
يقول: سمعت علي بن المديني يقول: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: فذكره،
ورواه الحافظ المزي في " التهذيب " من طريق العقيلي.
قلت: وهذا إسناد جيد، الحداد هذا ثقة مترجم في " تاريخ بغداد (٤ / ١٨٣ -
١٤٠) ، مات سنة إحدى أو اثنتين ومائتين.
ومحمد بن سليمان هو أبو جعفر المصيصي المعروف بلوين، فيما يظهر، وهو ثقة من
رجال " التهذيب " مات سنة (٢٤٠) .
ومحمد بن موسى هو أبو عبد الله المعروف بالنهرتيري، وهو ثقة جليل مترجم أيضا
في " التاريخ " (٣ / ٢٤١ - ٢٤٢) ، مات سنة (٢٨٩) .
قلت: فقد بان بهذا التخريج أن المسألة صحيحة ثابتة عن يحيى بن سعيد القطان
وباللفظ الذي يبطل تفسير الشيخ أحمد لها كما تقدم، ويثبت اعتراف عباد بأنه
لم يسمع تلك الأحاديث من عكرمة، وإنما تلقاها عن إبراهيم - وهو ضعيف جدا كما
اعترف الشيخ به - عن داود وهو ضعيف في عكرمة خاصة.
الرابع: وأما زعم الشيخ أن ابن أبي يحيى ليس هو إبراهيم، وإنما هو محمد ابن أبي