الرابعة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد الغلام اليهودي قال له: أسلم
... الحديث، فلم يبدأه بالسلام. وهو حديث صحيح رواه البخاري وغيره وهو
مخرج في " الإرواء " (١٢٧٢) . فلو كان البدء الممنوع إنما هو إذا لقيه في
الطريق لبدأه عليه السلام بالسلام لأنه ليس في الطريق كما هو ظاهر. ومثله.
الخامسة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء عمه أبا طالب في مرض موته لم
يبدأه أيضا بالسلام، وإنما قال له: " يا عم قل لا إله إلا الله " ...
الحديث أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الإرواء " (١٢٧٣) .
فثبت من هذه الروايات أن بدأ الكتابي بالسلام لا يجوز مطلقا سواء كان في الطريق
أو في المنزل أو غيره.
فإن قيل: فهل يجوز أن يبدأه بغير السلام من مثل قوله: كيف أصبحت أو أمسيت أو
كيف حالك ونحو ذلك؟ فأقول: الذي يبدو لي والله أعلم الجواز، لأن النهي
المذكور في الحديث إنما هو عن السلام وهو عند الإطلاق إنما يراد به السلام
الإسلامي المتضمن لاسم الله عز وجل، كما في قوله صلى الله عليه وسلم:
" السلام اسم من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينهم ". أخرجه البخاري في
" الأدب المفرد " (٩٨٩) وسيأتي (١٨٩٤) .
ومما يؤيد ما ذكرته قول علقمة: " إنما سلم عبد الله (يعني ابن مسعود) على
الدهاقين إشارة ". أخرجه البخاري (١١٠٤) مترجما له بقوله: " من سلم على
الذمي إشارة ". وسنده صحيح.