فوالله الذي لا إله إلا هو لولا أن كثيرًا من الناس يغترون بكل ما يطبع وينشر من أي شخص كان -يحسبون السراب ماء، والعظم لحمًا، وإنما هو كما قيل قديمًا: عظم على وضم- لما سودت سطرًا واحدًا في الرد على هذا وأمثاله كذاك السقاف الآتي بيان بعض ويلاته، ونحوه من الأغرار الذين ليس لهم سابقة في هذا العلم وغيره، ولم يتأدبوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا.. من لم يعرف لعالمنا حقه"، ولا هم يقبلون نصيحة العلماء، قال العلامة الشاطبي رحمه الله في كتابه "الاعتصام" -وهو في صدد بيان علامات أهل الأهواء والبدع (٣/٩٩) -:
"والعالم (تأملوا لم يقل: طالب العلم!) إذا لم يشهد له العلماء فهو في الحكم باق على الأصل من عدم العلم حتى يشهد فيه غيره، ويعلم هو من نفسه ما شهد له به، وإلا فهو على يقين من عدم العلم أو على شك، فاختيار الإِقدام في هاتين الحالتين على الإِحجام لا يكون إلا باتباع الهوى، إذ كان ينبغي له أن يستفتي في نفسه غيره، ولم يفعل، وكان من حقه أن لا يقدم إلا أن يقدمه غيره، ولم يفعل".
هذه نصيحة الإِمام الشاطبي إلى (العالم) الذي بإمكانه أن يتقدم إلى الناس بشيء من العلم، ينصحه بأن لا يتقدم حتى يشهد له العلماء خشية أن يكون من أهل الأهواء، فماذا كان ينصح يا ترى لو رأى بعض هؤلاء المتعلقين بهذا العلم في زمننا هذا؟! لا شك أنه كان يقول له:"ليس هذا عشك فادرجي"، فهل من معتبر؟! وإني والله لأخشى على هذا البعض أن يشملهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يُنزع عقول أهل ذلك الزمان، ويُخلف لها هباء من الناس، يحسب أكثرهم أنهم على شيء، وليسوا على شيء"(١) .
والله المستعان.
١٢- ٩٢٥- (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) .
أقول: هذا الحديث مع صحته كما تقدم هناك وتلقي الأمة له بالقبول على
(١) مخرج فيما سيأتي برقم (١٦٨٢) من (المجلد الرابع) .