اختلاف مشاربهم، فقد تجرأ المدعو بـ (حسن السقاف) على إنكاره بكل صفاقة، مخالفًا بذلك سبيل المؤمنين، فصرح في تعليقه على " دفع شبه التشبيه " لابن الجوزي فزعم (ص ٦٢) : أنه حديث ضعيف! ثم غلا فصرح (ص ٦٤) بأنه حديث باطل!!
ثم أخذ يرد عليّ تصحيحي إياه لشواهده؛ متحاملًا متجاهلًا لتصحيح من صححه من الحفاظ، مشككًا فيما نقلته عن بعض المخطوطات التي لم ترها عيناه، وما حمله على ذلك إلا جهمية عارمة طغت على قلبه، فلم يعد يفقه ما يقوله العلماء من المتقدمين أو المتأخرين، فذكرت هناك من المصححين: الترمذي والحاكم والذهبي والخِرقى والمنذري والعراقي وابن ناصر الدين الدمشقي، وأضيف الآن إليهم الحافظ ابن حجر في كتابه الذي طبع حديثًا "الإِمتاع"(ص ٦٢-٦٣) حتى قال في معناه شعرًا:
إن من يرحم من في الأرض قد ... آن أن يرحمه من في السما
فارحم الخلق جميعًا إنما ... يرحم الرحمن فينا الرحما
ومن المتأخرين الذين صححوا هذا الحديث الشيخان الغماريان: أحمد الغماري في كتابه "فتح الوهاب بتخريج أحاديث الشهاب"(١/٤٥٩) وقال:
"وقد رويناه من طرق متعددة".
ونقل تصحيح الترمذي والحاكم وأقرهما.
والغماري الآخر الشيخ عبد الله الذي صحح الحديث في كتابه الذي أسماه "الكنز الثمين"، فإنه أورده فيه برقم (١٨٦٧) ، وقد ذكر في مقدمته أن كل ما فيه صحيح، وهو أخو الشيخ أحمد الغماري، وهو أصغر منه سنًّا وعلمًا، وهما ممن يُجِلُّهُما السقاف ويقلدهما تقليدًا أعمى، وإذا ذكر أحدهما قال فيه:"سيدي"!
فما عسى أن يقول المسلم المنصف في مثل هذا الرجل الذي يخالف أولئك الحفاظ ويسلك غير سبيلهم، بل ويخالف شيخه وسيده -على حد تعبيره- عبد الله الغماري؟! لا شك أنه {فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} .