لقد أفضت في ذكر هذه الطرق تأكيدًا لصحة الحديث، وردًا على رجل طلع علينا أخيرًا بطبعةٍ جديدة لكتاب النووي "رياض الصالحين" منمقة مزخرفة يعجبك مظهرها، ولكنها قبيحة جدًا في مخبرها، ويكفي القارىء دلالة على ذلك أنه حذف منه قرابة (١٣٠) حديثًا زاعمًا أنها كلها ضعيفة، وبعضها في " صحيح البخاري " و"مسلم"، ونقدها كلها نقدًا خالف فيه أصول علم الحديث وقواعده المعروفة عند العلماء (١) ، وجعلها في آخر طبعته، ثم أتبعها بأرقام يشير بها إلى أحاديث أخرى ضعفها في التعليق عليها، وهذه كلها صحيحة، وعددها (١٥) حديثًا، وبعضها في "الصحيحين" أو أحدهما، وإليك أرقامها في طبعته مع الرمز لما كان منها فيهما:
(١٠٥- وهو حديث العرباض هذا، ١٢٩-م، والرد عليه في "الصحيحة"(٣٠٠٧) ، ٢٠٧ (انظر الصحيحة ١٧٣) ، ٢١٧ - مروا أولادكم بالصلاة (مخرج في الإرواء ٢٤٧) ، ٢٤١ - خ (الصحيحة ٧٦٤) ، ٢٤٣ (الصحيحة ٩١٩) ، ٢٧٣ - م، ٥٠١ - م، ٥٠٩ - م، والرد عليه في "الصحيحة"(٣١٧٦) ، ٩٥٧ - م، وهو في فضل صوم يوم عرفة، ص ٤٠٥ - م (الصحيحة ٥٤٥) ، ١٢٦٢ (الصحيحة ١٢٤٣) ، ص ٤٤١، ص ٤٥٠ (الصحيحة ٢٤٣٥) ، ١٤٣١ (الصحيحة ١٢٨) .
وأما أحاديث " ضعيفته " البالغ عددها (١٣٠) فهي على قسمين: أحدهما مما كنت نبهت على ضعفه في مقدمة طبعتنا لـ "الرياض"، وتبناه هو وتوسع في تخريجه والكشف عن علله، وهو في ذلك عالة على كتبي مثل:"الإِرواء" والسلسلتين وغيرها دون أن يصرح بذلك إلا نادرًا لتقوية موقفه فقط! وذلك مِن تشبعه بما لم يعط، وذلك ما يظهر لكل من يتنبه لبعض عباراته، ولمن قابل تخريجه بتخريجاتي، ولا أدل على ذلك من وقوعه في الخطأ الذي كنت وقعت فيه بسبب أو آخر، فقد نقل من
(١) ذكرت فيما تقدم بعض الأحاديث الصحيحة مما ضعفه بجهل بالغ، فانظر الاستدراك (٦ و١١) .