" من أهان لي (ويروى من عاد لي) وليا فقد بارزني بالمحاربة،
وما ترددت في شيء أنا فاعله، ما ترددت في قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت
وأنا أكره مساءته، ولابد له منه، وما تقرب إلي عبدي المؤمن بمثل الزهد في
الدنيا، ولا تعبد لي بمثل أداء ما افترضته عليه ".
قلت: فهذا خطأ فاحش من وجوه: الأول: أن البخاري لم يخرجه من حديث أنس أصلا.
الثاني: أنه ليس في شيء من طرق الحديث التي وقفت عليها ذكر للزهد.
الثالث: أنه ليس في حديث أبي هريرة وأنس قوله: " ولابد له منه ".
الرابع: أنه مخالف لسياق البخاري ولفظه كما هو ظاهر. ونحو ذلك أن شيخ
الإسلام ابن تيمية أورد الحديث في عدة أماكن من " مجموع الفتاوي " (٥ / ٥١١
و١٠ / ٥٨ و ١١ / ٧٥ - ٧٦ و ١٧ / ١٣٣ - ١٣٤) من رواية البخاري بزيادة " فبي يسمع
وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ". ولم أر هذه الزيادة عند البخاري ولا عند
غيره ممن ذكرنا من المخرجين، وقد ذكرها الحافظ في أثناء شرحه للحديث نقلا عن
الطوفي ولم يعزها لأحد. ثم إن لشيخ الإسلام جوابا قيما على سؤال حول التردد
المذكور في هذا الحديث، أنقله هنا بشيء من الاختصار لعزته وأهميته، قال رحمه
الله تعالى في " المجموع " (١٨ / ١٢٩ - ١٣١) : " هذا حديث شريف، وهو أشرف
حديث روي في صفة الأولياء، وقد رد هذا الكلام طائفة وقالوا: إن الله لا
يوصف بالتردد، فإنما يتردد من لا يعلم عواقب الأمور، والله أعلم بالعواقب
وربما قال بعضهم: إن الله يعامل معاملة التردد! والتحقيق: أن كلام رسوله حق
وليس أحد أعلم بالله من رسوله، ولا أنصح للأمة، ولا أفصح ولا أحسن بيانا
منه، فإذا كان كذلك كان المتحذلق والمنكر عليه من