قلت: ويحتمل عندي أن تكون النكارة من شيخ ابن حبان: الفضل بن الحباب، فإن
فيه بعض الكلام، فقد ساق له الحافظ بن حجر في " اللسان " حديثا آخر بلفظ:
" من وسع على نفسه وأهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته ". ورجاله
كلهم ثقات، فاستظهر الحافظ أن الغلط فيه من الفضل، وقال: " لعله حدث به بعد
احتراق كتبه ". وإنما انصرفت عن نسبة النكارة إلى محمد بن عمرو، لأنه قد
رواه عنه محمد بن بشر باللفظ الأول المحفوظ، وابن بشر ثقة حافظ، وكذلك من
تابعه عند الترمذي وغيره. وعن نسبتها إلى خالد بن عبد الله وهو الطحان
الواسطي لأنه ثقة ثبت. وقد رويت هذه اللفظة من طريق أخرى واهية، أخرجه ابن
جرير (١٢ / ١٣٢) فقال: حدثنا ابن وكيع: حدثنا عمرو بن محمد عن إبراهيم بن
يزيد عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " لو لم يقل - يعني
يوسف - الكلمة التي قال، ما لبث في السجن طول ما لبث حيث يبتغي الفرج من عند
غير الله ". قال الحافظ ابن كثير في " تفسيره " (٢ / ٤٧٩) : " وهذا الحديث
ضعيف جدا، لأن سفيان بن وكيع ضعيف، وإبراهيم بن يزيد - هو الخوزي - أضعف منه
". ورواها ابن جرير أيضا بسند صحيح عن الحسن وهو البصري مرسلا نحوه. وكذلك
رواه أحمد في " الزهد " (ص ٨٠) ، وفي لفظ له: " يرحم الله يوسف لو أنا
جاءني الرسول بعد طول السجن لأسرعت الإجابة ".