وقد نقل عنه صاحب " الروض الباسم في
الذب عن سنة أبي القاسم " أنه حسن إسناده. ولم أر هذا في كتابه: " التفسير "
، فلعله في بعض كتبه الأخرى. وتحسين هذا الإسناد هو الذي تقتضيه قواعد هذا
العلم الشريف، فإن مداره على عبد الرحمن بن أبي الزناد، وهو كما قال الحافظ
: " صدوق، تغير حفظه لما قدم بغداد، وكان فقيها ". فقول الهيثمي (٧ / ١٦)
: " رواه أحمد والطبراني بنحوه، وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد، وهو ضعيف
، وقد وثق، وبقية رجال أحمد ثقات ". قلت: فقوله فيه: " ضعيف، وقد وثق "
ليس بجيد لأنه يرجح قول من ضعفه على قول من وثقه، والحق أنه وسط حسن الحديث،
إلا أن يخالف وهذا مما لا يستفاد من قوله المذكور فيه. والله أعلم. (فائدة
هامة) : إذا علمت أن الآيات الثلاث: * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم
الكافرون) *، * (فأولئك هم الظالمون) *، * (فأولئك هم الفاسقون) * نزلت في
اليهود وقولهم في حكمه صلى الله عليه وسلم: " إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه،
وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه "، وقد أشار القرآن إلى قولهم هذا قبل هذه
الآيات فقال: * (يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه، وإن لم تؤتوه فاحذروا) *، إذا
عرفت هذا، فلا يجوز حمل هذه الآيات على بعض الحكام المسلمين وقضاتهم الذين
يحكمون بغير ما أنزل الله من القوانين الأرضية، أقول: لا يجوز تكفيرهم بذلك،
وإخراجهم من الملة إذا كانوا مؤمنين بالله ورسوله، وإن كانوا مجرمين بحكمهم
بغير ما أنزل الله، لا يجوز ذلك، لأنهم وإن كانوا كاليهود من جهة حكمهم
المذكور، فهم مخالفون لهم من جهة