قلت: لو أن
الشيخ رحمه الله اطلع على رواية (الرحال) بالحاء المهملة، لساعدته على
الإطاحة بالإشكال، وفهم الجملة فهما صحيحا، دون أي توجيه أو تكلف، وهذه
الرواية هي الراجحة عندي للأسباب الآتية: أولا: ثبوتها في " الفوائد "
ونسختها جيدة. ثانيا: أنها وقعت كذلك بالحاء المهملة في نسخة مخطوطة من كتاب
" الترغيب والترهيب " للحافظ المنذري محفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق في
مجلد ضخم فيه خرم، وهي وإن كانت نسخة مؤلفة من نسخ أو خطوط متنوعة، فإن
الجزء الذي فيه هذا الحديث من نسخة جيدة مضبوطة متقنة، ومما يدلك على ذلك أنه
كتب تحت الحاء من هذه الكلمة حرف حاء صغير هكذا (الرحال) ، إشارة إلى أنه حرف
مهمل كما هي عادة الكتاب المتقنين قديما فيما قد يشكل من الأحرف، وكذلك فعل
في الصفحة التي قبل صفحة هذا الحديث، فإنه وقع فيها اسم (زحر) فكتب تحتها (
ح) هكذا (زحر) . ثالثا: أن رواية الحاكم المتقدمة بلفظ: " يركبون على
المياثر.. " تؤكد ما رجحنا، لأن (المياثر) جمع (ميثرة) و (الميثرة)
بالكسر قال ابن الأثير: " مفعلة من الوثارة، يقال: وثر وثارة فهو وثير، أي
وطيء لين، تعمل من حرير أو ديباج، يجعلها الراكب تحته على الرحال فوق الجمال
". فإذا عرفت هذا، فرواية الحاكم مفسرة للرواية الأولى، وبالجمع بينهما
يكون المعنى أن السروج التي يركبونها تكون وطيئة لينة، وأنها (أعني السروج)
هي كأشباه الرحال، أي من حيث سعتها. وعليه فجملة " كأشباه الرحال " ليست في
محل صفة لـ (رجال) كما شرحه