" كان ابن سيرين إذا قص عليه رجل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قال: صف لي
الذي رأيته، فإن وصف له صفة لا يعرفها قال: لم تره ". وبه قال العلامة ابن
رشد، فقال كما في " الاعتصام " للإمام الشاطبي (١ / ٣٥٥) : " وليس معنى
قوله صلى الله عليه وسلم: " من رآني فقد رآني حقا " أن كل من رأى في منامه أنه
رآه، فقد رآه حقيقة، بدليل أن الرائي قد يراه مرات على صور مختلفة، ويراه
الرائي على صفة، وغيره على صفة أخرى، ولا يجوز أن تختلف صور النبي صلى الله
عليه وسلم، ولا صفاته، وإنما معنى الحديث: من رآني على صورتي التي خلقت
عليها فقد رآني، إذ لا يتمثل الشيطان بي، إذ لم يقل صلى الله عليه وسلم: من
رأى أنه رآني فقد رآني، وإنما قال: " من رآني فقد رآني "، وأنى لهذا
الرائي الذي رأى أنه رآه على صورته الحقيقية أنه رآه عليها، وإن ظن أنه رآه
ما لم يعلم أن تلك الصورة صورته بعينها، وهذا ما لا طريق لأحد إلى معرفته ".
قال الحافظ: " ومنهم من ضيق الفرض في ذلك، فقال: لابد أن يراه على صورته
التي قبض عليها، حتى يعتبر عدد الشعرات البيض التي لم تبلغ عشرين شعرة.
والصواب التعميم في جميع حاله بشرط أن تكون صورته الحقيقة في وقت ما، سواء كان
في شبابه أو رجولته أو كهولته، أو آخر عمره.. ". وقال الشيخ علي القارىء في
" شرح الشمائل " (٢ / ٢٩٣) : " وقيل إنه مختص بأهل زمانه صلى الله عليه وسلم
، أي من رآني في المنام يوفقه الله تعالى لرؤيتي في اليقظة. ولا يخفى بعد هذا
المعنى، مع عدم ملاءمته لعموم (من) في