سعيد بن عبد
الرحمن ومحمد بن أبي عمر قالا: حدثنا سفيان به. إلا أنهما لم يشكا، وهذه
فائدة هامة. وهما ثقتان أيضا. وبالجملة، فاتفاق هؤلاء الثقات الخمسة على
رفع الحديث دون أي تردد فيه لبرهان قاطع على أن الحديث من قوله صلى الله عليه
وسلم، وأن تردد سعيد بن منصور في رفعه لا يؤثر في صحته، ولاسيما أن سياق
القصة يؤكد ذلك عند إمعان النظر فيها، ذلك لأن حذيفة رضي الله عنه ما كان
لينكر بمجرد رأيه على ابن مسعود رضي الله عنه سكوته عن أولئك المعتكفين في
المساجد بين الدور، وهو يعلم فضله وفقهه رضي الله عنهما، فلولا أن الحديث
عنده مرفوع لما تجرأ على الإنكار عليه بما لا تقوم الحجة به عليه، حتى رواية
عبد الرزاق الموقوفة تؤيد ما ذكرته، فإنها بلفظ: " قوم عكوف بين دارك ودار
أبي موسى لا تنهاهم! فقال به عبد الله: فلعلهم أصابوا وأخطأت، وحفظوا
ونسيت! فقال: حذيفة: لا اعتكاف إلا في هذه المساجد الثلاثة.. " فذكرها.
ومثلها رواية إبراهيم قال: " جاء حذيفة إلى عبد الله فقال: ألا أعجبك من قومك
عكوف بين دارك ودار الأشعري، يعني المسجد! قال عبد الله: ولعلهم أصابوا
وأخطأت، فقال حذيفة: أما علمت أنه: لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد. (فذكرها
) ، وما أبالي أعتكف فيه أو في سوقكم هذه [وكان الذين اعتكفوا - وعاب عليهم
حذيفة - في مسجد الكوفة الأكبر] ". أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (٣ /
٩١) والسياق له، وكذا عبد الرزاق (٤ / ٣٤٧ - ٣٤٨) والزيادة له، وعنه
الطبراني (٩٥١٠) ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أن إبراهيم - وهو النخعي -
لم يدرك حذيفة.