الزيادة مكية كما يزعم الغماري، أو مدنية
كما يدل عليه ما تقدم من الأحاديث، فقوله (ص ١٢) : " فهذه ثلاثة أحاديث تصرح
بأن صلاة المسافر مقصورة من أربع ركعات، لأن معنى وضع شطر الصلاة حط نصفها بعد
أن كان إتمامها واجبا عليه ". قلت: فهذا الكلام لا ينافي ما ذكرته، ولا
دليل فيه يؤيد به انحرافه! ٣ - أما الأحاديث الخمسة الصريحة، فهي في الحقيقة
أربعة لأن الثالث والخامس منها مدارهما على الحسن البصري مرسلا، وهي كلها
ضعيفة منكرة، وقد دلس فيها على القراء ما شاء له التدليس، وأوهمهم صحة بعض
أسانيدها وصراحة متونها وهو في ذلك غير صادق، وإليك البيان بإيجاز وتفصيل
: أما الإيجاز: فهو أن الأحاديث الخمسة منكرة كلها، لضعف أسانيدها ومخالفتها
للأحاديث الصحيحة التي لم تذكر تربيع الركعات في الظهر والعصر والعشاء،
وبعضها يصرح أن الصلاة فرضت ركعتين ركعتين، فأقرت في السفر وزيدت في الحضر.
وأما التفصيل، فأقول مستعينا بالله عز وجل: ١ - أما الحديث الأول: فذكره (ص
١٣) من طريق أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبي مسعود الأنصاري قال: " جاء جبريل
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قم فصل، وذلك لدلوك الشمس حين مالت،
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر أربعا.. ". ثم ذكر مثله في
صلاة العصر والعشاء. وقال: " رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " على شرط
الشيخين ".