عن الجمع الحقيقي الثابت صراحة في بعض أحاديث الجمع
في السفر. واحتج لذلك بأمور يطول الكلام عليها جدا، والذي أريد أن ألفت
النظر إليه إنما هو أنه لم يتنبه إلى أن قوله: " كي لا يحرج أمته " نص في
الجمع الحقيقي، لأن رفع الحرج إنما يعني في الاصطلاح الشرعي رفع الإثم
والحرام (راجع النهاية) كما في أحاديث أخرى، الأصل فيها المؤاخذة لولا الحرج
، كمثل ترك صلاة الجمعة والجماعة من أجل المطر والبرد، كما في حديث ابن عباس
لما أمر المؤذن يوم الجمعة أن يقول: " الصلاة في الرحال "، فأنكر ذلك بعضهم،
فقال: " كأنكم أنكرتم هذا، إن هذا فعله من هو خير مني. يعني النبي صلى الله
عليه وسلم، إنها عزمة، إني كرهت أن أحرجكم ". رواه البخاري (٦١٦ و ٦٦٨
و٩٠١) وابن أبي شيبة (٢ / ١٥٣) نحوه، ثم روى (٢ / ٢٣٤) الموقوف منه.
وحديث نعيم بن النحام قال: " نودي بالصبح في يوم بارد وهو في مرط امرأته،
فقال: ليت المنادي نادى: " ومن قعد فلا حرج "، فنادى منادي النبي صلى الله
عليه وسلم في آخر أذانه: " ومن قعد فلا حرج ". رواه عبد الرزاق في " المصنف
" (١ / ٥٠١ / ١٩٢٦) وأحمد (٤ / ٣٢٠) والبيهقي (١ / ٣٩٨ و ٣٢٣) وأحد
إسناديه صحيح، وصحح الحافظ (٢ / ٩٨ - ٩٩) إسناد عبد الرزاق! وقد مضى
تخريجه وما يستفاد منه في هذا المجلد برقم (٢٦٠٥) . ومن المعلوم وجوب
الحضور لصلاة الجمعة والجماعة، فإذا ثبت في الشرع أنه