للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلت: في هذا الحديث بعض الأحكام التي تتعلق بدعوة الكفار إلى

الإسلام، من ذلك: أن لهم الأمان إذا قاموا بما فرض الله عليهم، ومنها: أن

يفارقوا المشركين ويهاجروا إلى بلاد المسلمين. وفي هذا أحاديث كثيرة، يلتقي

كلها على حض من أسلم على المفارقة، كقوله صلى الله عليه وسلم: " أنا بريء من

كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، لا تتراءى نارهما "، وفي بعضها أن النبي

صلى الله عليه وسلم اشترط على بعضهم في البيعة أن يفارق المشرك. وفي بعضها

قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل الله عز وجل من مشرك بعد ما أسلم عملا،

أو يفارق المشركين إلى المسلمين ". إلى غير ذلك من الأحاديث، وقد خرجت بعضها

في " الإرواء " (٥ / ٢٩ - ٣٣) وفيما تقدم برقم (٦٣٦) . وإن مما يؤسف له

أشد الأسف أن الذين يسلمون في العصر الحاضر - مع كثرتهم والحمد لله - لا

يتجاوبون مع هذا الحكم من المفارقة، وهجرتهم إلى بلاد الإسلام، إلا القليل

منهم، وأنا أعزو ذلك إلى أمرين اثنين: الأول: تكالبهم على الدنيا، وتيسر

وسائل العيش والرفاهية في بلادهم بحكم كونهم يعيشون حياة مادية ممتعة، لا روح

فيها، كما هو معلوم، فيصعب عليهم عادة أن ينتقلوا إلى بلد إسلامي قد لا تتوفر

لهم فيه وسائل الحياة الكريمة في وجهة نظرهم. والآخر - وهو الأهم -: جهلهم

بهذا الحكم، وهم في ذلك معذورون، لأنهم لم يسمعوا به من أحد من الدعاة الذين

تذاع كلماتهم مترجمة ببعض اللغات الأجنبية، أو من الذين يذهبون إليهم باسم

الدعوة لأن أكثرهم ليسوا فقهاء وبخاصة منهم جماعة التبليغ، بل إنهم ليزدادون

لصوقا ببلادهم، حينما يرون

<<  <  ج: ص:  >  >>