كثيرا من المسلمين قد عكسوا الحكم بتركهم لبلادهم
إلى بلاد الكفار! فمن أين لأولئك الذين هداهم الله إلى الإسلام أن يعرفوا مثل
هذا الحكم والمسلمون أنفسهم مخالفون له؟! ألا فليعلم هؤلاء وهؤلاء أن الهجرة
ماضيه كالجهاد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا تنقطع الهجرة ما دام العدو
يقاتل "، وفي حديث آخر: " لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع
التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها " وهو مخرج في " الإرواء " (١٢٠٨) . ومما
ينبغي أن يعلم أن الهجرة أنواع ولأسباب عدة، ولبيانها مجال آخر، والمهم
هنا الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام مهما كان الحكام فيها منحرفين عن
الإسلام، أو مقصرين في تطبيق أحكامه، فهي على كل حال خير بما لا يوصف من بلاد
الكفر أخلاقا وتدينا وسلوكا، وليس الأمر - بداهة - كما زعم أحد الجهلة
الحمقى الهوج من الخطباء: " والله لو خيرت أن أعيش في القدس تحت احتلال اليهود
وبين أن أعيش في أي عاصمة عربية لاخترت أن أعيش في القدس تحت احتلال اليهود "
! وزاد على ذلك فقال ما نصه: " ما أرى إلا أن الهجرة واجبة من الجزائر إلى (
تل أبيب) "!! كذا قال فض فوه، فإن بطلانه لا يخفى على مسلم مهما كان غبيا!
ولتقريب ما ذكرت من الخيرية إلى أذهان القراء المحبين للحق الحريصين على
معرفته واتباعه، الذين لا يهولهم جعجعة الصائحين، وصراخ الممثلين،
واضطراب الموتورين من الحاسدين والحاقدين من الخطباء والكاتبين: أقول لأولئك
المحبين: تذكروا على الأقل حديثين اثنين لرسول الله صلى الله عليه وسلم: