بل حكمه حكم الأحاديث
النبوية والأحاديث القدسية، فإنه لا يشترط فيها التواتر، وإن كان فيها ما
هو متواتر، كهذا، فإنه رواه خمسة من الأصحاب أو أكثر كما سبق. ثم قال المومى
إليه: " و " نرى "، في الحديث - بضم النون - معناها نظن، والظن عكس اليقين
، وقد يكون إياه بقرينة، وليست موجودة هنا ". فأقول: هذا مبني على الشرط
الذي ذكره في منسوخ التلاوة، وهو باطل كما عرفت، وما بني على باطل فهو باطل
. ومما سلف تعلم أن تأييده ما ذهب إليه بما نقله عن الحافظ من توجيهه لظنهم
المذكور - لا يفيده شيئا، لأن الحافظ ذكره في جملة ما ذكره من الاحتمالات في
توجيه بعض الأحاديث، ولم يعتمد عليه، بل اعتمد على الآخر الذي سبق نقله عنه
، وحط عليه بقوله: " فهو مما نسخت تلاوته جزما، وإن كان حكمه مستمرا ".
وأيده بحديث أبي موسى، وحديث جابر، فلا أدري كيف تجاهله هذا المومى إليه،
فكيف وهناك الأحاديث الأخرى المتقدمة التي تلقي اليقين في النفس أن الحديث كان
من القرآن ثم نسخت تلاوته، وفي ظني أنه لم يعلم بها، وإنه لو علم بها ما
قال ما قال، وإلا دل قوله على سوء الحال. نسأل الله السلامة. وهذا البحث
مما ساقني إلى تخريج حديث " الشيخ والشيخة إذا زنيا "، لأنه من مشاهير منسوخ
التلاوة عند العلماء، وأتبع ذلك بما ذكره الحافظ عن الصحابة في منسوخ التلاوة
، ليعلم المومى إليه وغيره من المخرجين أن العلم والفقه في الكتاب والسنة
شيء، ومهنة تخريج الأحاديث شيء آخر. والله المستعان.