" كأن الجن مسه
"! وعليه خص المس هذا بمن خالف شرع الله، فقال (ص ٢٢) : " وما كان ليمس
أحد (كذا غير منصوب!) (١) إلا بالابتعاد عن النهج المرسوم "! ولو سلمنا
جدلا أن الأمر كما قال، فلا يلزم منه عند العلماء ثبوت دعوى النفي، لإمكان
وجود دليل آخر على الدخول كما في هذا الحديث الصحيح، بينما توهم الرجل أنه
برده دلالة الآية على الدخول ثبت نفيه إياه، وليس الأمر كذلك لو سلمنا برده،
فكيف وهو مردود عليه بهذا الحديث الصحيح، وبحديث يعلى المتقدم وبهما تفسر
الآية، ويبطل تفسيره إياها بالمجاز. ومن جهل الرجل وتناقضه أنه بعد أن فسر
الآية بالمجاز الذي يعني أنه لا (مس) حقيقة، عاد ليقول (ص ٩٣) : " واللغة
أجمعت على أن المس: الجنون ". ولكنه فسره على هواه فقال: أي من الخارج لا
من الداخل، قال: " ألا ترى مثلا إلى الكهرباء وكيف تصعق المماس لها من
الخارج ... " إلخ هرائه. فإنه دخل في تفاصيل تتعلق بأمر غيبي قياسا على أمور
مشاهدة مادية، وهذا خلاف المنهج السلفي الذي تقدم نقله عنه، ومع ذلك فقد
تعامى عما هو معروف في علم الطب أن هناك جراثيم تفتك من الداخل كجرثومة (كوخ)
في مرحلته الثالثة! فلا مانع عقلا أن تدخل الجان من الخارج إلى بدن الإنسان،
وتعمل عملها وأذاها فيه من الداخل، كما لا مانع من خروجها منه بسبب أو
(١) قلت: ومثله كثير، انظر بعض الأمثلة في آخرها هذا التخريج.