آخر،
وقد ثبت كل من الأمرين في الحديث فآمنا به، ولم نضربه كما فعل المعتزلة
وأمثالهم من أهل الأهواء، وهذا المؤلف (الأثري) - زعم - منهم. كيف لا وقد
تعامى عن حديث الترجمة، فلم يخرجه البتة في جملة الأحاديث الأخرى التي خرجها
وساق ألفاظها من (ص ١١١) إلى (ص ١٢٦) - وهو صحيح جدا - كما رأيت، وهو إلى
ذلك لم يأخذ من مجموع تلك الأحاديث ما دل عليه هذا الحديث من إخراجه صلى الله
عليه وسلم للشيطان - من ذاك المجنون -، وهي معجزة عظيمة من معجزاته صلى الله
عليه وسلم، بل نصب خلافا بين رواية " اخرج عدو الله " ورواية " اخسأ عدو الله
"، فقد أورد على نفسه (ص ١٢٤) قول بعضهم: " إن الإمام الألباني قد صحح
الحديث "، فعقب بقوله: " فهذا كذب مفترى، انظر إلى ما قاله الشيخ الألباني
لتعلم الكذب: المجلد الأول من سلسلته الصحيحة ص ٧٩٥ ح ٤٨٥ ". ثم ساق كلامي
فيه، ونص ما في آخره كما تقدم: " وبالجملة فالحديث بهذه المتابعات جيد.
والله أعلم ". قلت: فتكذيبه المذكور غير وارد إذن، ولعل العكس هو الصواب!
وقد صرح هو بأنه ضعيف دون أي تفصيل (ص ٢٢) ، واغتر به البعض! نعم، لقد شكك
في دلالة الحديث على الدخول بإشارته إلى الخلاف الواقع في الروايات، وقد ذكرت
لفظين منها آنفا. ولكن ليس يخفى على طلاب هذا العلم المخلصين أنه ليس من
العلم في شيء أن تضرب الروايات المختلفة بعضها ببعض، وإنما علينا أن نأخذ
منها ما اتفق عليه الأكثر، وإن مما لا شك فيه أن اللفظ الأول: " اخرج " أصح
من الآخر " اخسأ "، لأنه جاء في خمس روايات من الأحاديث التي ساقها، واللفظ
الآخر جاء في روايتين منها فقط! على أني لا أرى