الدلالة عليها. والله أعلم.
وقد قال الصنعاني بعد قول ابن جريج في عقب هذا الحديث:
" وقد رأيت عطاء يصنع ذلك ". قال الصنعاني (٢ / ٢٤) :
" قلت. وكأنه مبني على أن لفظ " ولا تعد " بضم المثناة الفوقية، من الإعادة
أي زادك الله حرصا على طلب الخير ولا تعد صلاتك فإنها صحيحة وروي بسكون العين
المهملة من العدو، وتؤيده رواية ابن السكن من حديث أبي بكرة (ثم ساقها،
وقد سبق نحوها من رواية أحمد مع الإشارة إلى رواية ابن السكن هذه، ثم قال)
والأقرب أن رواية (لا تعد) من العود أي لا تعد ساعيا إلى الدخول قبل وصولك
الصف، فإنه ليس في الكلام ما يشير بفساد صلاته حتى يفتيه صلى الله عليه وسلم
بأن لا يعيدها، بل قوله " زادك الله حرصا " يشعر بأجزائها، أو " لا تعد " من
(العدو) ".
قلت: لو صح هذا اللفظ لكانت دلالة الحديث حينئذ خاصة في النهي عن الإسراع
ولما دخل فيه الركوع خارج الصف، ولم يوجد بالتالي أي تعارض بينه وبين حديث
ابن الزبير، ولكن الظاهر أن هذا اللفظ لم يثبت، فقد وقع في " صحيح البخاري "
وغيره باللفظ المشهور: " لا تعد ". قال الحافظ في " الفتح " (٢ / ٢١٤) :
" ضبطناه في جميع الروايات بفتح أوله وضم العين من العود ".
ثم ذكر هذا اللفظ، ولكنه رجح ما في البخاري فراجعه إن شئت.
ويتلخص مما تقدم أن هذا النهي لا يشمل الاعتداد بالركعة ولا الركوع دون الصف
وإنما هو خاص بالإسراع لمنافاته للسكينة والوقار كما تقدم التصريح بذلك من
حديث أبي هريرة، وبهذا فسره الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
" قوله: لا تعد. يشبه قوله: لا تأتوا الصلاة تسعون ".