للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومثال ثان لما ذكرت

آنفا، كان الإمام مسلم قد ضربه مثلا في أنواع أخرى لما نحن فيه، واحتج بها

أهل العلم وصححوها، حديثان من رواية ربعي بن حراش عن عمران، أحدهما في إسلام

حصين والد عمران، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له قبل أن يسلم وبعد

أن أسلم: " قل: اللهم قني شر نفسي، واعزم لي على أرشد أمري ". قال النووي

عقبه في شرحه لمقدمة مسلم: " إسناده صحيح ". وكذا قال الحافظ في " الإصابة /

ترجمة (حصين) ". ويبدو للناظر المنصف أهمية هذا المثال، وخاصة بالنسبة

للنووي، فإنه كان قبل هذا التصحيح بصفحات قد رد على الإمام مسلم مذهبه، فإذا

به يجد نفسه لا يسعه إلا أن يوافقه، وما ذلك إلا لقوته في واقع الأمر. وهذا

عين ما أصاب مضعف الأحاديث الصحيحة، فإنه لما جاء إلى هذا الحديث (١ / ١٠٧)

وخرجه، جود إسناده! فلا أدري أهو من الغفلة وقلة التحقيق، أم هو اللعب على

الحبلين، أو الهوى، وإلا لزمه أن يضعفه كما فعل بحديث الترجمة لاشتراكهما في

العلة عنده، وهي عدم تحقق شرط اللقاء، أو أن يصححهما معا، اكتفاء بالمعاصرة

، وهو الصواب. وقد أشار الحافظ إلى هذا الاكتفاء في آخر ترجمة (ربعي) ،

فإنه لما نقل عن ابن عساكر أن ربعيا لم يسمع من أبي ذر تعقبه بقوله: " وإذا

ثبت سماعه من عمر، فلا يمتنع سماعه من أبي ذر ". فهذا مما يؤكد أنه يتبنى

الاكتفاء بالمعاصرة. ويحضرني مثال ثالث، وهو حديث محمد بن عبد الله بن

الحسن العلوي، المعروف بـ (النفس الزكية) ، رواه عن أبي الزناد عن الأعرج عن

أبي هريرة مرفوعا:

<<  <  ج: ص:  >  >>