التقليد،
وأنت تتظاهر بأنك لا تقلد، وهذا أمر واجب لو كنت من أهل العلم بالكتاب والسنة
، وأصول الحديث والفقه، ولا نرى أثرا لذلك في كل ما تكتب، إلا التحويش دون
أي تحقيق أو تفتيش، ولذلك فالواجب عليك إنما هو الاتباع، فهو خير لك بلا شك
من التخريب والتضعيف لمئات الأحاديث الصحيحة عند العلماء، وقد تبلغ الألوف
إذا مضيت في مخالفتك لـ * (سبيل المؤمنين) *. وأنا على مثل اليقين أن الرجل
صاحب هوى وغرض - الله أعلم به - دلنا على ذلك أسلوبه في تخريج الأحاديث، فإنه
ينشط جدا، ويتوسع ما وسعه التوسع في التضعيف المذكور، ويتتبع الأقوال
المرجوحة التي تساعده على ذلك، مع التمويه على القراء بإعراضه عن ذكر الأقوال
المعارضة له، وبالإحالة إلى بعض البحوث التي تخالف قوله!! وأما إذا كان
الحديث قويا، ولا يجد سبيلا إلى تضعيفه ونسفه، انقلب ذلك النشاط إلى فتور
وخمول، واختصر الكلام عليه في بيان مرتبته اختصارا مخلا دون بيان السبب،
كقوله مثلا (١ / ١٣٠) : " حديث حسن إن شاء الله "! ثم يسود خمسة أسطر في
تخريجه دون فائدة تذكر، موهما قراءه بأنه بحاثة محقق! مع أنهم لا يدرون ما
مقصوده من تعليق التحسين بالمشيئة الإلهية، أهو للتشكيك أم التحقيق؟! والأول
هو اللائق بالمضعف للصحيحة! وله أحاديث أخرى من هذا النوع (ص ٢٢٠ و ٢٩٢
و٢٩٤) وانظر (ص ١٨٣ و ٢١٢ و ٢٢٤ و ٢٧٢ و ٢٧٧ و ٢٩٧) ثم إن قوله عن سالم بن
أبي الجعد أنه أرسل عن جمع من الصحابة، فهو لا يفيد انقطاعا هنا، لأنهم نصوا
على أنه لم يدركهم، أو لم يسمع منهم، وليس سالم منهم، وحينئذ وجب حمله على
الاتصال على مذهب الجمهور، وهو الراجح كما سبق تحقيقه.