رابعا: ولا يفيده شيء قوله: " لكن مشاه الجمهور "، لأنه
من قبيل التضليل والتغطية لعورته! لأنه إن كان معهم في تمشية حاله والاحتجاج
بحديثه، فلماذا نقل تضعيفه عن أبي حاتم والنسائي؟! وما المراد من التعليق
كله حينئذ؟! ولكن الحقيقة أن الكوثري يماري ويداري، ويتخذ لنفسه خط الرجعة
إذا ما رد عليه أحد من أهل العلم! خامسا: قوله: وأولوا الحديث ... إلخ.
قلت: وماذا في التأويل إذا كان المقصود منه التوفيق بين نصوص الشريعة، وهل
هو أول حديث صحيح يؤول؟! فماذا يفعل الكوثري بقوله صلى الله عليه وسلم: " لا
يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "؟ متفق عليه. وقد مضى تخريجه رقم (
٧٣) وقوله: " والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، الذي لا يأمن
جاره بوائقه ". رواه البخاري. والحقيقة أن الحديث وإن كان مؤولا، فهو حجة
على الحنفية الذين لا يزالون مصرين على مخالفة السلف في قولهم بأن الإيمان لا
يزيد ولا ينقص، فالإيمان عندهم مرتبة واحدة، فهم لا يتصورون إيمانا ناقصا،
ولذلك يحاول الكوثري رد هذا الحديث، لأنه بعد تأويله على الوجه الصحيح يصير
حجة عليهم، فإن معناه: " وهو مؤمن إيمانا كاملا ". قال ابن بطال: " وحمل
أهل السنة الإيمان هنا على الكامل، لأن العاصي يصير أنقص حالا في الإيمان ممن
لا يعصي ". ذكره الحافظ (١٠ / ٢٨) . ومثله ما نقله (١٢ / ٤٩) عن الإمام
النووي قال: " والصحيح الذي قاله المحققون أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي
وهو كامل