"في صحته نظر؛ فإن في إسناده ضبة بن محصن، وفيه جهالة حال، ولم أر
له غير هذا الحديث مما اتصل إليه بإسناد صحيح "!
فأقول- والله المستعان-:
لقد كنت أسمع عن هذا الرجل ومجازفاته في الطعن في الأحاديث الصحيحة، وأنه وضع لنفسه قواعد- بزعمه- ينطلق منها في تضعيفها، وأحيانأ يتساهل فيقويها- اتباعاً للهوى- غير ملتزم في ذلك القواعد العلمية التي وضعها العلماء، فكنت أتريث حتى نجد من آثاره ما ندينه به؛ حتى صدر كتابه، فتأكدت من ذلك، وصدَّق الخُبر الخَبر، ولا أريد الإفاضة في ضرب الأمثلة، فالمجال ضيق الآن، فحسبنا الآن قوله المذكور أعلاه؛ فإنه يكفي للدلالة على ما تقدم، وذلك من وجوه:
الأول: زعمه أن ضَبة بن محصن مجهول الحال؛ فإنه مما لم يقله قبله أحد، ولا هو مما يساعد عليه قواعد هذا العلم وصنيع الحفاظ العارفين به.
الثاني: أن ضبة هذا قد وثقه ابن حبان، وقال الحافظ ابن خلفون الأندلسي:"ثقة مشهور"، وكذلك وثقه كل من صحّح حديثه؛ إما بإخراجه إياه في "الصحيح" كمسلم وأبي عوانة؛ أو بالنص على صحته كالترمذي.
الثالث: أنه قد روى عنه جمع من الثقات مثل عبد الرحمن بن أبي ليلى، والحسن البصري، وقتادة، وميمون بن مهران، فلو أنه لم يوثقه من سبق ذكرهم لكانت رواية هؤلاء الثقات عنه كافيةً في إثبات عدالته، والاحتجاج بحديثه؛ ما دام أنه لم يرو منكراً، ولا سيما وهو من التابعين إن لم يكن من كبارهم؛ كما يدل على ذلك صنيع الحفاظ المتأخرين في أمثالهم، ولذلك صرح الذهبي في