الرابع: لو سلمنا جدلاً بأنه مجهول الحال- كما زعم مدعي التحقيق- فمثله يصحح حديثه؛ أو على الأقل يحسن بالشواهد والمتابعات التي منها حديث الترجمة، وإن كان ليس فيه جملة الصلاة، فإنه يشهد لها حديث عوف ابن مالك عند مسلم من طريق مسلم بن قَرَظَة عنه، وفيه: أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال:"لا؛ ما أقاموا فيكم الصلاة". وقد مضى تخريجه برقم (٩٠٧) ؛ إلا أن المحقق المزعوم أعلّه أيضاً بمثل ما أعلّ حديث أم سلمة، فقال في تعليقه عليه (٢١٨/٥٠١) :
"في إسناده مسلم بن قرظة، وهو مجهول الحال. وانظر الحديث المتقدم برقم (١٢٩) ". يعني: حديث أم سلمة.
وهذا مما يدل الباحث على أنه قد وضع لنفسه قاعدة تضعيف أحاديث الثقات الذين تفرد ابن حبان بتوثيقهم- في حد علمه- ولو كان أحدهم من رجال "الصحيح"، وروى عنه جمع من الثقات، ووثقه بعض الحفاظ المتأخرين! فالمحقق المزعوم- بجهله وعجبه وغروره- يضرب بكل ذلك عرض الحائط! فإن القول في ابن قرظة هذا وحديثه كالقول في ضبة بن محصن وحديثه، فقد روى عنه ثلاثة من الثقات: رزيق بن حيان، وربيعة بن يزيد، ويزيد بن يزيد بن جابر؛ كما في "تاريخ البخاري "(٤/١/٢٧٠ - ٢٧١) وساق له هذا الحديث، و"جرح ابن أبي حاتم "(٤/١/١٩٢) ، و"ثقات ابن حبان "(٥/٣٩٦) ، و"تاريخ ابن عساكر"(١٦/٤٨٢) ، ولذلك جزم الذهبي في "الكاشف " بأنه "ثقة "، وصحح حديثه هذا مسلم وأبو عوانة وابن حبان، وكذلك البيهقي بإقراره لتصحيح مسلم، ثم هو إلى ذلك من كبار التابعين المشهورين؛ كما يدل على