ليلة.. الحديث، وفي رواية لمسلم:"يوماً"، فحكم الحافظ عليها بالشذوذ؛ مع أن الذي خالف فيها شعبة. انظر"الفتح"(٤/٢٧٤) ؛ و"صحيح أبي داود"(٢١٣٧)
وإن مما يؤيد الشذوذ: ما أخرجه مسلم في الباب من طريق أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرني أبو حميد الساعدي قال:
أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح لبن من النقيع ليس مخمراً، فقال:
"ألا خمَّرته؟! ولو تَعْرُض عليه عوداً".
قال أبو حميد: إنما أُمِر بالأسقية أن توكأ ليلاً، وبالأبواب أن تغلق ليلاً.
قلت: فقول أبي حميد هذا صريح في تخصيص ذلك بالليل؛ لكن رده النووي بقوله في"شرح مسلم ":
"ما قاله أبو حميد من تخصيصهما بالليل ليس في اللفظ ما يدل عليه، والمختار عند الأكثرين من الأصوليين- وهو مذهب الشافعي وغيره- أن تفسير الصحابي إذا كان خلاف ظاهر اللفظ ليس بحجة، ولا يلزم غيره من المجتهدين موافقته على تفسيره، وأما إذا لم يكن في ظاهر الحديث ما يخالفه- بأن كان مجملاً- فيرجع إلى تأويله، ويجب الحمل عليه؛ لأنه إذا كان مجملاً لا يحل له حمله على شيء إلا بتوقيف، وكذا لا يجوز تخصيص العموم بمذهب الراوي عند الشافعي والأكثرين، والأمر بتغطية الإناء عام؛ فلا يقبل تخصيصه بمذهب الراوي؛ بل يتمسك بالعموم ".
وأقول: ليس هذا من باب التخصيص بمذهب الراوي؛ وإنما هو من باب التخصيص بالنص؛ فإن قول أبي حميد:"أُمِر" بالبناء للمجهول في حكم المرفوع كما هو مقرر في علم المصطلح؛ كما في "الإرشاد" للنووي نفسه (١/١٦١- ١٦٣-