للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عليه، ويقولون بما يبطله الإسلام "، جهلاً منه لمعاني الأخبار، وترك التفقه في الآثار، معتمداً على رأيه المنكوس، وقياسه المعكوس ".

قلت: ما أشبه الليلة بالبارحة! فهذا الزاعم الطاعن في أصحاب الحديث هو

سلف الغزالي في طعنه فيهم، وفي أحاديثهم الصحيحة، وما وصفه به ابن حبان من الجهل بمعاني الآثار، يشبه تماماً جهل الغزالي بها، وكتابه المتقدم ذكره والنقل عنه مشحون بطعنه في الأحاديث الصحيحة التي لا خلاف عند أهل العلم في صحتها، وقد ختم الكتاب بإنكاره عدة أحاديث صحيحة في إثبات القدر؛ لأنه

فهم منها- بفهمه المعكوس والمنكوس- أنها تفيد الجبر، وتنفي عن الإنسان

الاختيار الذي به كُلِّفَ، وترتب عليه الثواب والعقاب، مشاركاً في هذا الفهم

العامة الجهلة، ولكنه فرَّ من فهمه الخاطىء إلى ما هو مثله أو أسوأ منه، ألا وهو إنكاره القدر والأحاديث الدالة عليها، وألحق نفسه بالمعتزلة!!

وقد قام بواجب الرد عليه كثير من العلماء والكتَّاب، وكشفوا للناس ما فيه من

زيخ وضلال في الحديث والعقيدة والفقه، وكان أطولهم نفساً، وأكثرهم إفادة، وأهدأهم بالاً: الأخ الفاضل سلمان العودة في كتابه "حوار هادئ مع محمد

الغزالي"، فنِعمَ الردُّ هو؛ لولا تساهل وتسامح لا يستحقه الغزالي تجاه طعناته العديدة مع أئمة الحديث والفقه، وإن كان الأخ الفاضل قد كشف القناع عنها بأدبه الناعم! والحافظ الآخر الذي سبقت الإشارة إليه: هو الإمام البغوي؛ فإنه بعد أن ذكر

أن الحديث: "متفق على صحته "؛ قال رحمه القه:

"هذا الحديث يجب على المرء المسلم الإيمان به على ما جاء به من غيرأن

يعتبره بما جرى عليه عُرف البشرِ، فيقع في الارتياب؛ لأنه أمرٌ مصدره عن قدرة

<<  <  ج: ص:  >  >>