التدليس، كما حققته مبسطاً في تخريج بعض الأحاديث، وعبد الله بن بريدة لم يرم بشيء من التدليس، وقد صح سماعه من أبيه كما حققته في الحديث المتقدم (٢٩٠٤) وغيره، وتوفي أبوه سنة (٦٣) ، بل ثبت أنه دخل مع أبيه على معاوية في "مسند أحمد"(٥/٣٤٧) ، ومعاوية مات سنة (٦٠) ، وعائشة ماتت سنة (٥٧) ، فقد عاصرها يقيناً، ولذلك أخرج له الشيخان روايته عن بعض الصحابة ممن شاركها في سنة وفاتها أو قاربها، مثل عبد الله بن مغفل، وقريب منه سمرة بن جندب مات سنة (٥٨) . بل وذكروه فيمن روى عن عبد الله بن مسعود المتوفى سنة (٣٢) ، ولم يعلوها بالانقطاع، ولعله- لما ذكرت- لم يعرج الحافظ المزي على ذكر القول المذكور، إشارة إلى توهينه، وكذلك الحافظ الذهبي في "تاريخه "، ونحا نحوهما الحافظ العلائي في "جامع التحصيل "(٢٥٢/٣٣٨) ، فلم يذكره بالإرسال إلا بروايته عن عمر، وهذا ظاهر جدّاً؛ لأنه ولد لثلاث خلون من خلافة عمر.
وما تقدم من التحقيق ونفي الانقطاع يقال، لو لم يكن هناك ما يمكن دعم الحديث به؛ فكيف وثمة أمران:
أحد هما: أن بعض الرواة سمى (ابن بريدة) : (سليمان) كما وقع في "النسائي"(٥٠٠/٨٧٧) و"المستدرك "(١/ ٥٣٠) من طريق علقمة بن مرثد عنه، وقال:
"صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي، وأقره المنذري.
لكن تعقبه الحافظ في "تخريج الأذكار"- كما قال ابن علان في "الفتوحات "(٤/٣٤٦) - بقوله:
"وفي ذلك نظر؛ فإن البيهقي جزم في كتاب الطلاق من "السنن " أن عبد الله بن بريدة لم يسمع من عائشة"!