وإلى هذا التفصيل ذهب الحافظ ابن حجر، فقال في "التقريب ":
"صدوق، في حديثه عن أبي الهيثم ضعف ".
قلت: وهذا هو الذي تبين لي أخيراً؛ فإني وجدت الأحاديث المناكير التي أنكرها العلماء مدارها على روايته لها عن أبي الهيثم، وقد ساق ابن عدي في "الكامل "(٣/١١٢- ١١٥) طائفة كبيرة منها، ليس فيها ما رواه عن غيره؛ سوى حديث، لكنه من رواية ابن لهيعة عنه عن ابن حجيرة الأكبر مرسلاً. وهذا مما لا يحمل به عليه كما هو ظاهر، ثم قال ابن عدي ما ملخصه:
"وله غير ما ذكرت يتابعه الناس عليها، وأرجو- بعد أن خرجت له هذه الأحاديث التي أنكرت عليه- أن سائر أحاديثه لا بأس بها، ويقرب صورته ما قال يحيى بن معين ".
وقد صحح له ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي أحاديث كثيرة عن أبي الهيثم وغيره، والصواب إن شاء الله ما تقدم، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وإن مما يقوي الشطر الأخير من الحديث: أنه جاء مفرقاً في أحاديث، فجملة غنى النفس جاءت في "الصحيحين " وغيرهما من حديث أبي هريرة، وهو مخرج في "تخريج أحاديث مشكلة الفقر"(رقم ١٦) ، ومن حديث أبي ذر، وهو مخرج في "التعليق الرغيب "(٤/٩٢ـ ٩٣) ، وكلاهما في "موارد الظمآن "(٢٥٢٠ و١ ٢٥٢) ، مع أن الأول ليس على شرطه، كما نبهت عليه في "صحيح الموارد"(٤٠- كتاب الزهد/ ٢٠- باب) .
وقوله:"إذا أراد الله بعبد خيراً ... " إلخ؛ وجدت له شاهداً من مرسل الحسن البصري، أخرجه الإمام أحمد في "كتاب الزهد"(ص ٢٨٦) بسند صحيح عنه.