ثم قوله: «والنهك: المبالغة في كل شيء» تناقض عجيب وتصحيف! وقد
رأيته في الحديث المذكور كذلك في «مجمع الزوائد» للهيثمي! ولعله قلده أو وقع
كذلك في نسختهما بالأصل، وليس كذلك بلا إشكال. وإنما هو: «لتنهكن» ،
أو: «لَتَنهَكَنَّها» بلا تاء أخرى وبفتح الهاء، مأخوذة من (النَّهك) الذي ذكره بعد.
وهكذا ذكره أهل اللغة والغريب بلا نزاع بينهم. وقد أعاد المصنف في «الجهاد
والترغيب في الشهادة» تفسير (النهك) ، ووقع له وهم في ضبط قوله: «انهكوا» ،
أشبعنا الكلام عليه هناك؛ والله المستعان» .
قلت: ومن الغرائب تتابع كثير من المصادر على هذا التصحيف؛ غير «الترغيب» و «المجمع» ؛ فإنه كذلك وقع في مصدر الحديث «المعجم الأوسط» في الموضع المشار إليه
آنفاً، وأعني طبعة الحرمين، وكذلك هو في طبعة المعارف (٢٦٩٥) ، وفي النسخة
المصورة التي عندي منه (١/١١٥٠/٢٨٣٢) بترقيمي لكن بالمثناة من تحت:
«لينتهكن» أو: «لينتهكنها» ، وهكذا هو في الرواية الموقوفة في «المعجم الكبير» .
لكنه على الصواب وقع في «مجمع البحرين» (١/٣٤٠ - تحقيق عبد القدوس
نذير) ، وكذلك في نسخة مخطوطة من «الترغيب» أشار إليها في الهامش المعلقون
الثلاثة، ورمزوا إليها بحرف (ب) ، ولكنهم- لجهلهم- لم يتبنوها، فأثبتوا اللفظ
المحرف؛ تقليداً لما في «مجمع الزوائد» !
(تنبيه) : كنت منذ نحو أربعين سنة- وقبل تحصيلي على كتاب ابن أبي حاتم
«الجرح والتعديل» - ذهبت إلى تضعيف حديث الترجمة، مستنداً على ما جاء في
كتاب «تهذيب الحافظ» و «التقريب» مما تقدمت الإشارة إليه، ولذلك؛ لم أودعه
في الطبعات السابقة من كتابي «صحيح الترغيب والترهيب» . والآن ونحن في
صدد إعادة النظر في بعض كراريس قسيمه «ضعيف الترغيب» ، والتحقيق في