ضبط الكلمة التي وقع فيها التصحيف من الحديث؛ وجدت في «التعليق
الرغيب» ما حفزني إلى إعادة النظر في سنده، فانكشف لي تقصير الحافظ في
ترجمة (أبي مسكين) الراوي له، وأنه ليس مجهولاً؛ كما كنت استلزمت ذلك
عنه، بل هو ثقة؛ كما قدمت.
وكان قد انضم إلى التقصير المذكور ما كنت نقلته في «التعليق الرغيب» عن
ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: «حديث منكر» ؛ فربطت يومئذ بين هذا، وبين
مستندي المذكور، فظننت أن النكارة سببها الجهالة، الأمر الذي دعمت به التضعيف.
والآن؛ فقد تبين لي شيء جديد يدعم صحة الحديث، ويخالف النكارة
المدعاة، ذلك أن ابن أبي حاتم قد ساق إسناد الحديث من طريق آخر غير طريق
شيبان المتقدم، فذكر في «العلل» (١/ ٧٠/١٧٦) أنه سأل أباه عن حديث رواه يزيد
ابن أبي الزرقاء عن سفيان الثوري عن أبي مسكين ... به مرفوعاً؟ فقال:
«سمعت أبي يقول: رفعه منكر» .
فتبين لي بهذا التخريج، ومقابلة هذا الطريق بما تقدم: أن علة النكارة عنده
ليست الجهالة؛ كما ظننت يومئذٍ، وإنما المخالفة. وكأن أبا حاتم يشير إلى ما قدمته
من طريقي الثوري وزائدة عن أبي مسكين ... موقوفاً، وأتبعتهما بقولي: «إنه لا
مخالفة بين المرفوع والموقوف» .
والآن - وبعد وقوفي علي هذا الطريق الآخر - قد ازددت ثقة بصحة المرفوع،
وأنه لا وجه لإعلاله بالنكارة؛ لهذه المتابعة القوية من الثوري لأبي عوانة؛ فإن
الذي رفعه عن الثوري - زيد بن أبي الزرقاء- ثقة بلا خلاف، بل إن له خصوصية
قلما تذكر في غيره من الرواة عن سفيان؛ وقد كان عنده «جامع سفيان» ، فهو من
أعرف الناس به، وأحفظ الناس لحديثه، يضاف إلى ذلك قول أحمد بن أبي رافع: