ثمَّ رأيتُ بحثًا جيدًا لأَحدِ إِخواننا في مكّة المكرمة -بارك الله فيه- انتصرَ فيه لهذه السنة الظاهرة في رسالتِه التي أَهداها إِلي:"التتمات لبعض مسائل الصلاة"(ص ٤١-٤٢) ، فراجعه تزدد به علمًا وفائدةً إِن شاءَ الله تعالى.
٢- آخر الحديث (٣٦) :
ثمَّ تبيّن لي أنَّ تصحيح ابن القطان للحديث من الطريق الأُولى عن ابن عباس معلولٌ بالشذوذ، ومثلها الطريقُ الثالثة عنه، فإنّ ذكرَ جملة الأُذنين فيه شاذّة أَيضًا، وقد استفدتُ هذا كلّه من تحقيقٍ قام به الأَخ الفاضل مشهور حسن في تعليقه على كتاب "الخلافيات" للبيهقي (١/٣٦٦-٣٩٣) ، يسَّرَ الله له تمامَ إِخراجِه، ونفعَ اللهُ به قرّاءه بمنّه وكرمِه.
لكنّي كنتُ أَودُّ من الأَخِ الفاضلِ أن يزوِّدَ قرّاءَه بخلاصةٍ نافعةٍ بعد ذلك الجهد الجهيد، والتعبِ الشديدِ في تتبعِ طرقِ الحديث، وهي بيان مرتبةِ الحديث، لأنّها بيتُ القصيدِ من التخريجِ، فإنّ من المقررِ في علمِ المصطلحِ أنَّ الحديثَ الضعيفَ يتقوى بكثرةِ الطرقِ بالشرطِ المعروفِ هناك، فالسؤالُ الذي يطرحُ نفسَه الآن -كما يقالُ في هذا الزمانِ-: هل يبقى الحديثُ على ضعفِه كما تَدلُّ عليه مفرداتُ طرقه، ويشيرُ إِليه صنيعُ الإِمامِ الدارقطنيّ والبيهقيّ، أَم إِنَّ مجموعَ طرقه يخرجه من الضعفِ، ويرقى به إِلى مرتبةِ الاحتجاجِ به، ولو في رتبةِ الحديثِ الحسن لغيره على الأَقلّ؟