قلتُ: فأَنتَ ترى في هذه الروايةِ تكذيبَ الرَّجلِ في قولِه: إِنَّ رواية (بشر) رويت عند البيهقيّ ضمنَ روايةِ هشام، والواقعُ عكسُه تمامًا، فالسياقُ لرواية عبد الرحمن بن إِبراهيم - وهو (دحيم) ، وفي ضمنها وقعت روايةُ هشام، إلاّ أنَّ الخطبَ في هذا سهلٌ، والمهم أنَّ فيه التصريح بأنَّ في روايةِ (دحيم) ذكرَ المعازفِ، ولا ضرورةَ للتذكيرِ بأنَّ روايةَ (دحيم) هي عن بشر، وهذا هي الكذبةُ الكُبرى! واللهُ المسُتعانُ.
الوجهُ الثاني - أنَّ ذلكَ كلَّه ثابتٌ أيضًا في روايةِ ابن حجرٍ في "تغليق التعليق" بنفس المكان الّذي عزاه إِليه جزءًا وصفحة (٥/١٩) ! أَخرجه من طريقٍ أُخرى عن الإِسماعيليِّ، عن شيخِه الحسن بن سفيان، عن شيخِه هشامِ بن عمّارٍ وبشرِ بن بكرٍ كما تقدّمَ عندَ البيهقي، إلاّ أنَّ الحافظَ قال عقبَه:
"لفظ الحسنِ بن سفيان عن هشام بن عمّار، ولفظُ (دحيم) مثلُه".
فإِذن؛ لا فرقَ بين رواية هشامٍ وبشرٍ، ففي كليهما لفظُ (المعازفِ) ، فبطل كلامُ المنكِرِ!
وقد يقولُ من لم يتتبع تلبيساتِ الرَّجل: لعلّه لم يتنبّه لهذا الّذي بيَّنته، وهو واضحٌ جدًّا.
فأَقولُ: ذلكَ ممكنٌ بالنسبةِ لغيرِه من أَمثالِه المبتدئين في هذا العلمِ، أَمّا هو فلا!
فإِن قيل: لم؟ قلت: لكثرةِ ما أَخذنا عليه من التلبيساتِ، وتجاهلِه للنصوصِ الّتي تخالفُ هواه، وفيما سبقَ كفايةٌ لكلِّ ناشدٍ للحقِّ منصفٍ، والحبلُ جرّارٌ، كما سترى في بعضِ الاستدراكاتِ الأُخرى.