وثانيًا - لأنّه رأى في "فتح الباري"(١٠/٥٤) رواية دحيم هذه بارزةً شاخصةً مختصرةً ليس فيها القصّة، وإِنّ جملةَ (المعازفِ) -الّتي لا يمكنُ أَن تخفى على أَحدٍ- ساقها الحافظُ ليبيّنَ ما سقطَ من روايةٍ أبي داود الختصرة، وقد ذكرها الرَّجلُ في العمود الثاني من مقالِه محتجَّا بها أنّه ليسَ فيها ذكرُ (المعازفِ) ، أَخذها من "الفتح" معرضًا عن قولِ الحافظِ عقبها:
"نعم، ساقَ الإِسماعيليُّ الحديثَ من هذا الوجه من روايةِ (دُحيم) عن بشرِ ابن بكر بهذا الإِسنادِ فقال: "يستحلُّونَ الحرَ والحريرَ والخمرَ والمعازفَ" الحديث".
فإِن قيلَ: من أَينَ لك أنّه رآها؟
قلت: من علمي اليقيني أنّه قرأَ شرحَ الحافظِ للحديثِ، وردّه على ابن حزمٍ تضعيفَه إِيّاه، ومن ردّه هو على ابن حجرٍ في العمودِ الثالثِ دفاعًا عن تضعيفِه لعطية ابن قيس فقال:
"لذا فقولُ ابن حجر في "الفتح" (١٠/٥٤) : قوّاه أبو حاتمٍ - ليس بدقيقٍ"! (١)
فأَنتَ ترى أنَّه نقلَه من نفسِ الصفحةِ الّتيِ نقلتُ منها آنفًا قولَ الحافظِ في روايةِ الإِسماعيليّ، فهل بعد هذا كلِّه ترك مجالاً لأحدٍ أن يحسنَ الظنَّ به؟!
وليس هذا فقط، فانظر التالي:
(١) كذا قالَ، ثمَ ردّ على الحافظِ لأنّه فهمَ من قولِ الحافظِ في (عطية) : "صالح الحديث" تقويتَه، ويرى (المضعّفُ) أنَّه جرحٌ، مخالفًا في ذلك الذهبيَّ أيضًا فإنّه صرّحَ بأنّه تعديلٌ، كما سيأتي نقلُه عنه في الاستدراك (١٤) ، فالرَّجلُ ديدنه المخالفة! ولم لا؟ (خالِفْ تُعرف) ، وفعلاً قد عُرف!! ولكن بماذا؟!