وخالف في ذلك الشافعية، فذهبوا إلى أنه يسن تجديد الماء للأذنين ومسحهما على
الانفراد، ولا يجب، واحتج النووي لهم بحديث عبد الله بن زيد أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أخذ لأذنيه ماء خلاف الذي أخذ لرأسه.
قال النووي في " المجموع " (١ / ٤١٢) :
" حديث حسن، رواه البيهقي، وقال: إسناده صحيح ".
وقال في مكان آخر (١ / ٤١٤) :
" وهو حديث صحيح كما سبق بيانه قريبا، فهذا صريح في أنهما ليستا من الرأس،
إذ لو كانتا منه لما أخذ لهما ماء جديدا كسائر أجزاء الرأس، وهو صريح في أخذ
ماء جديد ".
قلت: ولا حجة فيه على ما قالوا، إذ غاية ما فيه مشروعية أخذ الماء لهما،
وهذا لا ينافي جواز الاكتفاء بماء الرأس، كما دل عليه هذا الحديث، فاتفقا
ولم يتعارضا، ويؤيد ما ذكرت أنه صح عنه صلى الله عليه وسلم:
" أنه مسح برأسه من فضل ماء كان في يده ".
رواه أبو داود في " سننه " بسند حسن كما بينته في " صحيح سننه " (رقم ١٢١)
وله شاهد من حديث ابن عباس في " المستدرك " (١ / ١٤٧) بسند حسن أيضا،
ورواه غيره. فانظر " تلخيص الحبير " (ص ٣٣) .
وهذا كله يقال على فرض التسليم بصحة حديث عبد الله بن زيد، ولكنه غير ثابت،
بل هو شاذ كما ذكرت في " صحيح سنن أبي داود " (رقم ١١١) وبينته في