معروفةٌ عند العلماءِ غير الجهالةِ، كسوءِ الحفظِ مثلاً، وكذلكَ قولُ أبي حاتمٍ، فقد نقلَ هو نفسُه (ص ٢٢) عنه أنّه قال:
"وإِذا قيلَ: (شيخ) فهو بالمنزلةِ الثالثةِ؛ يُكتبُ حديثُه وينظرُ فيه، إلاّ أنّه دون الثانية"، وفسَّره (المضعِّف) بقولِه:
"يريدُ دون مرتبةِ الصدوق ونحوه".
وهذا حجّةٌ علية؛ لأنّه ليس بمعنى "مجهول" أَولاً، ولأنّه قالَ في كلٍّ من المرتبتين: الثانية والثالثة: "فهو ممّن يكتبُ حديثه، وينظرُ فيه"، فهذا القولُ من أَبي حاتمٍ أقربُ إِلى التعديلِ منه إِلى التجريح، ولذلك قال الحافظُ الذهبيُّ في مقدمةِ "المغني":
"لم أذكر فيه من قيل فيه: (محلّه الصدقُ) ، ولا من قيل فيه:(يكتبُ حديثه) ، ولا:(لا بأسَ به) ، ولا من قيلَ فيه:(شيخ) أو (صالح الحديث) ؛ فإِن هذا باب تعديلٍ".
ويبدو لي أنَّ (المُضعِّفَ) قد شعرَ أنَّ كلامَ أبي حاتمٍ عليه، لا له، ولذلك لجأَ إِلى الخلاصِ منه بتحريفِ كلامِه في نفسِ الصفحةِ فقال: الصحيح أنّه قال: "مجهول"، مكان "شيخ"! وهذا قولٌ باطلٌ مخالفٌ لما أَثبته فيِ الكتابِ محققه المعلميُّ اليمانيُّ رحمه الله، ولنقلِ الحافظِ المزيّ في "التهذيبِ" أنَّ أَبا حاتمٍ قال: "شيخ"، وهذا نوعٌ جديدٌ منه في مخالفتِه المعروف الثابت عند العلماءِ. هداهِ الله.
وانظروا الآنَ كيفَ تنصّل من مخالفة الحُفَّاظِ الّذين وثقوا الرَّجلَ: أمّا ابن حبّان؛ فدفعه بدعوى تساهله، وسبقَ الجوابُ عنه، وأَمّا النَّسائي؛ فقال فيه:"إِنَّه أَحيانًا يوثقُ المجاهيلَ، وهذا منها"! وأَمّا الدارقطنيّ، فلما لم يجد في توثيقِه مغمزًا قال:"فموضعُ نظر"!! أَمّا جهلُه وتجاهلُه ومكابرتُه وخوضُه في علمٍ لا يحسنُه فليس موضعَ نظرٍ! وصدق رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذ قال: