متعادلة القوة والصحة، لا يمكن ترجيح بعضها على بعض، وهذا يوجب عليه -لو كان منصفًا- أن يخرج تلك الطرق، ويتكلم عليها طريقًا طريقًا، فما ضعف منها طُرح، وما صح منها وجب التوفيق بينها، وإلا قيل إنه مضطرب، فهل بذل شيئًا من الجهد، ولا أقول:"بذل الجهد" كله ليكون صادقًا مع عنوان رسالته؟! لا شيء من ذلك مع الأسف، وإنما هو مجرد تحويش وادعاء لا يعجز عن مثله أعداء السنة، وما أحسن ما قيل:
والدعاوي ما لم تقيموا عليها ... بينات أبناؤها أدعياء
وإذا كان الأمر كذلك، فلقد كان من الواجب عليه أن يقنع بقول أبي نعيم الذي نقله (ص ٤٨) :
"رواه الأثبات عن الحسن بن الربيع، فلم يجاوزوا فيه مجاهدًا".
فإن فيه إشارة قوية أنهم اختلفوا على الحسن بن الربيع، ومن ذلك أن بعضهم رواه عن مجاهد عن أنس، فجعله مسندًا، لكن الأثبات لم يتعدوا به مجاهدًا، وهو المحفوظ كما سبق.
وجملة القول: إن هذا المرسل الصحيح، ومسند زافر عن محمد بن عيينة عن أبي حازم عن سهل، إذا ضُم أحدهما إلى الآخر، صار الحديث بذلك قويًا، فإذا ضُم إليهما رواية محمد بن كثير عن سفيان الثوري عن أبي حازم به، فإنها إن لم تزده قوة لم تضره، كما هو ظاهر.
٢- وأما أنه غير منصف مع الرواة أيضًا، فقد تبين ذلك مما ذكرته آنفًا، فإنه سوّى بين الكذابين، وبين الصدوقين في عدم الاستشهاد بهم، وهذا خلاف ما عليه العلماء في الحديث الحسن أو الصحيح لغيره فلا داعي للإِعادة.