للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ" أَرَادَ بِهِ: وَالشَّرُّ لَيْسَ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْكَ فَأَضْمَرَ فِيهِ: "مَا يُتَقَرَّبُ به" ١.


١ وثمّت تفسير آخر لهذه الجملة دونما حاجة إلى إضمارمحذوف، قال الإمام ابن القيم- رحمه الله- في "شفاء العليل" ص١٧٩ تحت الباب الحادي والعشرين في تنزيه القضاء الإلهي عن الشر: تبارك وتعالى عن نسبة الشر إليه، بل كل ما نسب إليه فهو خبر، والشر إنما صار شرا لانقطاع نسبته وإضافته إليه، فلو أضيف إليه، لم يكن شرا ... وهو سبحانه خالق الخير والشر، فالشر في بعض مخلوقاته لا في خلقه وفعله، وقضاؤه وقدره خير كله، ولهذا تنزّه سبحانه عن الظلم الذي حقيقته وضع الشيء في غير موضعه ... فلا يضع الأشياء في مواضعها اللائقة بها، وذلك خير كله، والشر: وضع الشيء في غير محله، فإذا وضع في محله، لم يكن شرا، فعلم أن الشر ليس إليه ... ثم قال: فإن قلت: فلم خلقه وهو شر؟ قلت: خلقه له، وفعله خير لا شر، فإن الخلق والفعل قائم به سبحانه، والشر يستحيل قيامه به، واتصافه به، وما كان في المخلوق من شر، فلعدم إضافته ونسبته إليه، والفعل والخلق يضاف إليه، فكان خيرا.
وقال شارح "الطحاوية" ٢/٥١٧: لا ينسب الشر إليه تعالى، لأنه سبحانه لا يخلق شرا محضا، بل كل ما يخلقه، ففيه حكمة هو باعتبارها خير، ولكن قد يكون فيه شر لبعض الناس، فهذا شر جزئي إضافي، فأما شر كلي، أو شر مطلق، فالرب سبحانه منزه عنه، وهذا هو الشر الذي ليس إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>