للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" نَفَى الصَّلَاةَ عَنْ هَذَا الْمُصَلِّي لِنَقْصِهِ عَنْ حَقِيقَةِ إِتْيَانِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ فَرْضِهَا لَا أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فَلَمَّا كَانَ فِعْلُهُ نَاقِصًا عَنْ حالة الكمال نفى عنه الاسم بالكلية.


= وتأخره، فلا ينتهض للاستدلال به على الوجوب، وهذا التفصيل لابد منه، وترك مراعاته خارج عن الاعتدال إلى حد الإفراظ أو التفريط، لأن قصر الواجبات على حديث المسيء فقط، وإهدار الأدلة الواردة بعده تخيلاً لصلاحيته لصرف كل دليل يرد بعده دالاً على الوجوب سد لباب التشريع، ورد لما تجدد من واجبات الصلاة، ومنع للشارع من إيجاب شيء منها، وهو باطل لما عرفت من تجدد الواجبات في الأوقات. والقول بوجوب كل ما ورد الأمر به من غير تفصيل يؤدي إلى إيجاب كل أقوال الصلاة وأفعالها التي ثبتت عنه صلى الله عليه وسلم من غير فرق بين أن يكون ثبوتها قبل حديث المسيء أو بعده، لأنها بيان للأمر القرآني، أعني قوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلاةَ} ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي" وهو باطل لا ستلزامه تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو لا يجوز عليه صلى الله عليه وسلم. وهكذا الكلام في كل دليل يقضي بوجوب أمر خارج عن حديث المسيء ليس بصيغة الأمر، كالتوعد على الترك أو الذم لمن لم يفعل. وهكذا يفصل في كل دليل يقتضي عدم وجوب شيء مما اشتمل عليه حديث المسيء، أو تحريمه إن فرضنا وجوده.
قال الإمام الخطابي في معالم السنن ١/٢١٠ تعليقاً على قوله: وأقرأ ما تيسر معك من القرآن: ظاهره الإطلاق والتخير، والمراد منه فاتحة الكتاب لمن أحسنها لا يجزئه غيرها بدليل قوله: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب".
وهذا في الإطلاق كقوله تعالى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي} ثم كان أقل ما يجزئ من الهدي معيناً معلوم المقدار ببيان السنة، وهو الشاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>