للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا الْخَبَرُ دَالٌ عَلَى أن قول الله جل وعلا: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (الأنعام: من الآية١٦٤) أَرَادَ بِهِ بَعْضَ الْأَوْزَارِ لَا الْكَلَّ، إِذْ أَخْبَرَ الْمُبَيِّنُ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي كِتَابِهِ أَنَّ مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سنة سيئة، فعمل بها من بعده، كان عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، فَكَأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا قَالَ (١) : لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى إِلَّا مَا أَخْبَرَكُمْ رَسُولِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا تَزِرُ، وَالْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، وَلَا خَصَّ عُمُومَ الْخِطَابِ بِهَذَا الْقَوْلِ إِلَّا مِنَ اللَّهِ، شَهِدَ اللَّهُ لَهُ بِذَلِكَ، حَيْثُ قَالَ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (لنجم:٤) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (لأنفال: من الآية٤١) فهذا خطاب على العموم، كقوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ" (٢) فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ السَّلَبَ لَا يُخَمَّسُ (٣) ، وَأَنَّ الْقَلِيلَ يَكُونُ مُنْفَرِدًا بِهِ، فَهَذَا تَخْصِيصُ بَيَانٍ لذلك العموم المطلق.


(١) سقطت من الأصل واستدركت من "التقاسيم" ٣/٥٦.
(٢) سيرد عند المصنف "٤٧٨٥" و "٤٨٧١" من حديث أبي قتادة الأنصاري، و "٤٨١٦"و "٤٨١٨" و"٤٨٢١" من حديث أنس، و"٤٨١٩" من حديث سلمة ابن الأكوع.
(٣) سيرد عند المصنف "٤٨٢٤" من حديث جبير بن نفير أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يحمس السلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>