للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالْعَفْوِ قَبْلَ ذَلِكَ، لِئَلَّا يَبْقَى فِي النَّارِ مَعَ مَنْ أَشْرَكَ بِهِ فِي الدُّنْيَا.

فَهَذَانِ الشَّرْطَانِ مُضْمَرَانِ فِي هَذَا الْخَبَرِ، لَا أَنَّ كُلَّ مَنْ مَاتَ وَلَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دخل الجنة لا محالة. (١)


(١) قال الإمام النووي: مذهب أهل السنة بأجمعهم أن أهل الذنوب بالمشيئة، وأن من مات موقنا بالشهادتين يدخل الجنة، فإن كان تائباً أو سليماً من المعاصي، دخل الجنة برحمة الله، وحرم على النار، وإن كان من المخلطين بتضييع الأوامر أو بعضها، وارتكاب النواهي أو بعضها، ومات من غير توبة، فهو في خطر المشيئة، وهو بصدد أن يمضي عليه الوعيدُ إلا أن يشاء الله أن يعفو عنه، فإن شاء أن يعذبه، فمصيره إلى الجنة بالشفاعة. انظر شرح مسلم ١/٢٢٠.
قال الطيبي: قال بعض المحققين: قد يتخذ من أمثال هذه الأحاديث المُبطلة ذريعة إلى طرح التكاليف، وإبطال العمل ظناً أن ترك الشرك كاف، وهذا يستلزم طيِّ بساط الشريعة وإبطال الحدود، وأن الترغيب في الطاعة والتحذير عن المعصية لا تأثير له، بل يقتضي الانخلاع عن الدين، والانحلال عن قيد الشريعة، والخروج عن الضبط والولوج في الخبط، وترك الناس سدي مهملين، وذلك يفضي إلى خراب الدنيا بعد أن يُفضي إلى خراب الأخرى، مع أن قوله في بعض طرق الحديث "أن يعبدوه" يتضمن جميع أنواع التكاليف الشرعية، وقوله"ولا يشركوا به شيئا" يشمل مسمى الشرك الجلي والخفي، فلا راحة للتمسك به في ترك العمل، لأن الأحاديث إذا ثبتت، وجب ضمُّ بعضها إلى بعض لأنها في حكم الحديث الواحد، فيحمل مطلقها على مقيدها ليحصل العمل بجميع ما في مضمونها. وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>