للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُذْرٍ يَرْضَاهُ عَنْكَ فِيهِ، وَكَانَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَأْتِي مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، وَلَمْ تَقِفْ مَوْقِفًا لَا نَدْرِي مَاذَا يُقْضَى لَكَ فِيهِ، فَلَمْ يَزَالُوا يُؤَنِّبُونَنِي حَتَّى هَمَمْتُ أَنْ أَرْجِعَ، فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، فَقُلْتُ: هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ غَيْرِي؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَهُ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ وَمُرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ (١) ، فَذَكَرُوا رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ شَهِدَا بَدْرًا (٢) ، لِيَ فِيهِمَا أُسْوَةٌ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي هذا أبدا، ولا أكذب نفسي.


(١) كذا في "المصنف" و "المسند" و "مسلم"، ورواية البخاري: "الربيع".
(٢) قال ابن القيم في "زاد المعاد" ٣/٥٧٧: هذا الموضع مما عُدَّ من أوهام الزهري، فإنه لا يحفظ عن أحد من أهل المغازي والسير ألبتته ذكر هذين الرجلين في أهل بدر، لا ابن إسحاق، ولا موسى بن عقبة، ولا الأموي، ولا الواقدي، ولا أحد ممن عدَّ أهل بدر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يهجر حاطباً، ولا عاقبه وقد جسَّ عليه، وقال لعمر لما هم بقتله: "وما يدريكَ أن اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شئتم فقد غفرتُ لكم"، وأين ذنبُ التخلف من ذنب الجسَّ.
قال أبو الفرج ابن الجوزي: ولم أزل حريصاً على كشف ذلك وتحقيقه حتى رأيت أبا بكر بن الأثرم قد ذكر الزهري وذكر فضله وحفظه وإتقانه، وأنه لا يكاد يحفظ عليه غلط إلا في هذا الموضع، فإنه قال: إن مرارة بن الربيع وهلال بن أمية شهدا بدراً، وهذا لم يقله أحد غيره، والغلط لا يعصم منه إنسان.
وقال الحافظ في "الفتح" ٨/١٢٠ تعليقاً على قوله "قد شهدا بدراً": هكذا وقع هنا، وظاهره أنه من كلام كعب بن مالك، وهو مقتضى صنيع البخاري ... ثم نقل قول ابن القيم – ولكنه لم يصرح باسمه- "وكذلك ينبغي.. إلى قوله: من ذنب الجس" فقال: وليس ما استدل به بواضح، لأنه يقتضي أن البدري عنده إذا جنى جناية ولو كبرت لا يعاقبُ عليها، وليس كذلك فهذا عمر مع كونه المخاطب بقصة حاطب، فقد جلد قدامة بن مظعون الحدَّ لما شرب الخمر، وهو بدري، وإنما لم يُعاقب النبي صلى الله عليه وسلم حاطباً ولا هجره، لأنه قبل عذره في أنه إنما كاتب قريشاً خشية على أهله وولده، وأراد أن يتخذ له عندهم يداً، فعذره بذلك، بخلاف تخلفَّ كعب وصاحبيه، فإنهم لم يكن لهم عذر اصلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>